في أنهم لا يجدون غنى في شيء من أفعالهم ، وإنذار باستمرار فتنتهم في الدنيا مع الخسران في الآخرة.
ويحتمل أن تكون الآية مشيرة إلى فريق آخر أسلموا في مدة ضعف الإسلام واستبطئوا النصر فضاقت صدورهم فخطرت لهم خواطر شيطانية أن يتركوا الإسلام ويرجعوا إلى الكفر فزجرهم الله وهددهم بأنهم إن كانوا آيسين من النصر في الدنيا ومرتابين في نيل ثواب الآخرة فإن ارتدادهم عن الإسلام لا يضرّ الله ولا رسوله ولا يكيد الدين وإن شاءوا فليختنقوا فينظروا هل يزيل الاختناق غيظهم ، ولعلّ هؤلاء من المنافقين.
فموقع الآية على هذا الوجه موقع الاستئناف الابتدائي لذكر فريق آخر يشبه من يعبد الله على حرف ، والمناسبة ظاهرة.
ويجيء على هذا الوجه أن يكون ضمير (يَنْصُرَهُ اللهُ) عائدا إلى رسول اللهصلىاللهعليهوسلم. وهذا مروي عن ابن عباس واختاره الفرّاء والزجاج.
ويستتبع ذلك في كل الوجوه تعريضا بالتنبيه لخلص المؤمنين أن لا ييأسوا من نصر الله في الدنيا والآخرة أو في الآخرة فقط. قال تعالى : (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً لِيَجْزِيَ اللهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ) [الأحزاب : ٢٣ ـ ٢٤] الآية.
والسبب : الحبل. وتقدم في قوله (وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ) في [سورة البقرة : ١٦٦].
والقطع : قيل يطلق على الاختناق لأنه يقطع الأنفاس.
و (ما) مصدرية ، أي غيظه.
والاستفهام ب (هَلْ) إنكاري ، وهو معلق فعل (فَلْيَنْظُرْ) عن العمل ، والنظر قلبي ، وسمي الفعل كيدا لأنه يشبه الكيد في أنه فعله لأن يكيد المسلمين على وجه الاستعارة التهكمية فإنه لا يكيد به المسلمين بل يضر به نفسه.
وقرأ الجمهور (ثُمَّ لْيَقْطَعْ) ـ بسكون لام ـ ليقطع وهو لام الأمر. فإذا كان في أول الكلمة كان مكسورا ، وإذا وقع بعد عاطف غير (ثمّ) كان ساكنا مثل (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ) [آل عمران : ١٠٤]. فإذا وقع بعد (ثم) جاز فيه الوجهان. وقرأه ابن عامر ، وأبو عمرو وورش عن نافع ، وأبو جعفر ورويس عن يعقوب ـ بكسر اللام ـ.