وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٨) وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٩))
إعادة النداء في خلال جمل الدعاء اعتراض للتأكيد بزيادة التضرع ، وهذا ارتقاء من طلب وقايتهم العذاب إلى طلب إدخالهم مكان النعيم.
والعدن : الإقامة ، أي الخلود. والدعاء لهم بذلك مع تحققهم أنهم موعودون به تأدب مع الله تعالى لأنه لا يسأل عما يفعل ، كما تقدم في سورة آل عمران [١٩٤] قوله : (رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ).
ويجوز أن يكون المراد بقولهم : (وَأَدْخِلْهُمْ) عجّل لهم بالدخول. ويجوز أن يكون ذلك تمهيدا لقولهم : (وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ) فإن أولئك لم يكونوا موعودين به صريحا. و (مَنْ صَلَحَ) عطف على الضمير المنصوب في (أَدْخِلْهُمْ).
والمعنى دعاء بأن يجعلهم الله معهم في مساكن متقاربة ، كما تقدم في قوله تعالى : (هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ) في سورة يس [٥٦] ، وقوله : (أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) في سورة الطور [٢١].
ورتبت القرابات في هذه الآية على ترتيبها الطبيعي فإن الآباء أسبق علاقة بالأبناء ثم الأزواج ثم الذريات.
وجملة (إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) اعتراض بين الدعوات استقصاء للرغبة في الإجابة بداعي محبة الملائكة لأهل الصلاح لما بين نفوسهم والنفوس الملكية من التناسب. واقتران هذه الجملة بحرف التأكيد للاهتمام بها. و (إنّ) في مثل هذا المقام تغني غناء فاء السببية ، أي فعزتك وحكمتك هما اللتان جرّأتانا على سؤال ذلك من جلالك ، فالعزة تقتضي الاستغناء عن الانتفاع بالأشياء النفيسة فلما وعد الصالحين الجنة لم يكن لله ما يضنه بذلك فلا يصدر منه مطل ، والحكمة تقتضي معاملة المحسن بالإحسان.
وأعقبوا بسؤال النجاة من العذاب والنعيم بدار الثواب بدعاء بالسلامة من عموم كل ما يسوءهم يوم القيامة بقولهم : (وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ) وهو دعاء جامع إذ السيئات هنا جمع سيئة وهي الحالة أو الفعلة التي تسوء من تعلقت به مثل ما في قوله : (فَوَقاهُ اللهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا) [غافر : ٤٥] وقوله تعالى : (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ)