مبتدأ وشرط أن يجري ما بعدهما على ما يناسب جملة الشرط لأن المفعول الأول لأفعال القلوب في معنى المبتدأ.
وجملة (هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ) جواب (إِنْ). واستعمال العرب إذا صدّر الجواب بأداة استفهام غير الهمزة يجوز تجرده عن الفاء الرابطة للجواب كقوله تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ) [الأنعام : ٤٧] ، ويجوز اقترانه بالفاء كقوله : (قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللهِ) [هود : ٦٣]. فأما المصدّر بالهمزة فلا يجوز اقترانه بالفاء كقوله : (أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرى) [العلق : ١٣ ، ١٤].
وجواب الشرط دليل على المفعول الثاني لفعل الرؤية. والتقدير : أرأيتم ما تدعون من دون الله كاشفات ضرّه. والهمزة للاستفهام وهو إنكاري إنكارا لهذا الظن.
وجيء بحرف (هَلْ) في جواب الشرط وهي للاستفهام الإنكاري أيضا تأكيدا لما أفادته همزة الاستفهام مع ما في (هل) من إفادة التّحقيق. وضمير (هُنَ) عائد إلى ما الموصولة وكذلك الضمائر المؤنثة الواردة بعده ظاهرة ومستترة ، إما لأن (ما) صدق ما الموصولة هنا أحجار غير عاقلة وجمع غير العقلاء يجري على اعتبار التأنيث ، ولأن ذلك يصير الكلام من قبيل الكلام الموجه بأن آلهتهم كالإناث لا تقدر على النصر.
والكاشفات : المزيلات ، فالكشف مستعار للإزالة بتشبيه المعقول وهو الضرّ بشيء مستتر ، وتشبيه إزالته بكشف الشيء المستور ، أي إخراجه ، وهي مكنية والكشف استعارة تخييلية.
والإمساك أيضا مكنية بتشبيه الرحمة بما يسعف به ، وتشبيه التعرض لحصولها بإمساك صاحب المتاع متاعه عن طالبيه.
وعدل عن تعدية فعل الإرادة للضر والرحمة ، إلى تعديته لضمير المتكلم ذات المضرور والمرحوم مع أن متعلق الإرادات المعاني دون الذوات ، فكان مقتضى الظاهر أن يقال : إن أراد ضرّي أو أراد رحمتي فحق فعل الإرادة إذا قصد تعديته إلى شيئين أن يكون المراد هو المفعول ، وأن يكون ما معه معدّى إليه بحرف الجرّ ، نحو أردت خيرا لزيد ، أو أردت به خيرا ، فإذا عدل عن ذلك قصد به الاهتمام بالمراد به لإيصال المراد إليه حتى كأن ذاته هي المراد لمن يريد إيصال شيء إليه ، وهذا من تعليق الأحكام بالذوات.