مكن الله منزلته في قلوب الناس ، فأحبه الخاص والعام ، ووقع له القبول في الأرض حتى كان يقصده الأماثل والأعيان لزيارته والتبرك به ، وهو مع ذلك متواضع في طلب العلم وحضور مجالس الحديث والسماع من كل راو وصحبة طلبة العلم والنسخ والتحصيل لا يفتر من ذلك ، وكان موصوفا بحسن الخلق والخلق وطيب الملقى وحسن العشرة وحلاوة الألفاظ والجود والمروءة وبذل ما بيده ، وتفقد المتحملين والأفضال على الناس ، وسمع الحديث الكثير ، وقرأ بنفسه ، وكتب بخطه ، واستكتب بخط غيره ، وحصل الأصول الكثيرة حتى صار له من الكتب المصنفة والمسانيد (١) والأجزاء شيء كثير ، فوقفه بمسجده الذي استجده بدار دينار الصغيرة ، وشاركه في الوقفية شريكه رفيقه صبيح النصري (٢) ، وأضاف إلى كتبه ما (٣) حصله من كتب وما كتبه بخطه واستكتبه بخط غيره ، وكانا على طريقة جميلة من حسن الصحبة وصحة النية وسلامة الطوية حتى كأنهما روحان في جسد.
سمع أبا بكر محمد بن عبيد الله بن الزاغوني (٤) وأبا عبد الله محمد بن عبيد الله ابن سلامة الكرخي وأبا الفضل محمد بن ناصر الحافظ وأبوي القاسم سعيد بن أحمد ابن البناء ونصر بن نصر العكبري والشريفين أبا المظفر محمد بن أحمد بن عبد العزيز العباسي وأبا الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي وأبا المظفر هبة الله بن أحمد بن محمد بن الشبلي وأبا محمد محمد بن أحمد بن عبد الكريم بن المادح وخلقا كثيرا من أصحاب طراد الزينبي وعاصم بن الحسن وأبي الخطاب بن البطر وأبي عبد الله بن طلحة وأبي القاسم الربعي وأبي الحسن بن العلاف ، وأكثر عن أصحاب ابن الطيوري وابن بيان وابن نبهان وابن المهدي وابن المهتدي وأبي العباس بن النّرسيّ وأبي طالب ابن يوسف ، ولم يزل يسمع ويطلب حتى كتب عن أصحاب ابن الحصين (٥) وأبي غالب بن البناء وابن كادش ومحمد بن عبد الباقي الأنصاري وأمثالهم ، وبالغ في الطلب حتى طلب (٦) عن أقرانه وعمن هو دونه ، وحدث باليسير لأنه مات شابا قبل أوان
__________________
(١) في (ب) : «الأسانيد».
(٢) في (ج) : «البصري».
(٣) في الأصل : «مما حصله».
(٤) في الأصول زيادة : «وأبا عبد الله محمد بن عبيد الله بن الزاغونى».
(٥) في (ج) : «الحسين».
(٦) في (ب) ، (ج) : «كتب».