باشراب حبّ العجل لهم الماء المخلوط ببرادته جرم العجل في قلوبهم وقيل : المعنى وأشربوا في قلوبهم حبّ العجل (بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَما يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمانُكُمْ) قتلكم لانبياء الله واتّخاذكم العجل آلها أو كفركم بى (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِين) بموسى (ع) والتّوراة ، ولمّا كان زعم اليهود أنّ دينهم حقّ وما سوى دينهم باطل وأنّهم أولياء الله دون غيرهم وانّ الدّار الآخرة خالصة لهم قال الله (قُلْ) يا محمّد (ص) لهم (إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللهِ خالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في دعويكم فانّ من كان وليّا لله يطلب ملاقاته ومن كان متيقّنا بالآخرة ونعيمها يستعجل الوصول إليها نظيره قوله تعالى : (قُلْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) وفي تفسير الامام (ع) قل ان كانت لكم الدّار الآخرة الجنّة ونعيمها خالصة من دون النّاس محمّد (ص) وعلىّ (ع) والائمّة (ع) وسائر الاصحاب ومؤمني الامّة وانّكم بمحمّد وذرّيّته ممتحنون وانّ دعاءكم مستجاب غير مردود فتمنّوا الموت للكاذب منكم ومن مخالفيكم فانّ محمّدا (ص) وعليّا (ع) وذرّيّتهما يقولون : انّهم أولياء الله من دون النّاس الّذين يخالفونهم في دينهم وهم المجاب دعاءهم ان كنتم صادقين انّكم أنتم المحقّون المجاب دعاءكم على مخالفيكم ثمّ قال لهم رسول الله (ص) بعد ما عرض هذا عليهم لا يقولها أحد منكم الّا غصّ بريقه فمات مكانه فكانت اليهود علماء بأنّهم الكاذبون وانّ محمّدا (ص) وعليّا (ع) ومصدّقيهما هم الصّادقون فلم يجسروا ان يدعوا بذلك فقال الله (وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) من الرّشا على الأحكام والحكم لغير المستحقّ بالمصانعات والشّفاعات وتحريم المحلّلات وتحليل المحرّمات من الأموال والفروج والدّماء ، وتحريف الكتاب والكفر بما يعرفونه (وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) وضع الظّاهر موضع المضمر إظهارا لوصفهم المذموم واشعارا بأنّهم ظالمون في جميع ما وقع منهم وفي دعواهم ما ليس لهم وهو تهديد لهم (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ) حقيرة دانية لا ينظر إليها حتّى تعرف ، وهذا دليل على أنّهم مقبلون على الدّنيا ومدبرون عن الآخرة ونعيمها فلا يريدونها فكيف يتمنّونها (وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا) عطف على النّاس فانّه بتقدير من وتخصيص المشركين بعد النّاس لانّهم احرص من سائر النّاس على الحيوة الدّنيا (يَوَدُّ أَحَدُهُمْ) كلّ واحد منهم فانّ الاضافة تفيد العموم البدلىّ (لَوْ يُعَمَّرُ) لو مصدريّة (أَلْفَ سَنَةٍ) غفلة عن الله وعن الآخرة ونعيمها واطمئنانا بالدّنيا ونعيمها ولبس هذا شأن أولياء الله ولا أصحاب الآخرة ونعيمها (وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ) هو راجع الى أحدهم وان يعمّر فاعل مزحزحه أو هو راجع الى التّعمير المستفاد من يعمّر وفاعل مزحزحه راجع الى مرجع هو ومفعوله راجع الى أحدهم وان يعمّر بدل منه ؛ أو هو ضمير مبهم كضمير الشّأن وان يعمّر تفسيره (وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ) تهديد لهم على مخالفة أفعالهم لأقوالهم.
واعلم أنّه كان من أقوال اليهود انّ جبرئيل عدوّ لنا فانّه ملك موكّل على القتل والشّدّة والحرب والجدب وأنّه أعان على خراب بيت المقدّس لانّه منع دانيال عن قتل بختنصّر وأعان على قتل بنى إسرائيل وخراب بيت المقدّس وقالوا لمحمّد (ص) على اختلاف في الرّوايات : ان كان ميكائيل يأتيك نؤمن بك