وان كان جبرئيل يأتيك لا نؤمن بك فانّه عدوّ لنا فقال الله تعالى (قُلْ) يا محمّد (ص) لهم (مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ) فليعاد الله (فَإِنَّهُ) اى جبرئيل (نَزَّلَهُ) اى القرآن والإتيان بضمير الشّأن من غير سبق ذكر له صريحا يدلّ على تفخيمه وأنّه غنىّ عن سبق ذكره لتعرفّه بنفسه (عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللهِ) ومن يعاد الرّسول فقد عادى المرسل أو من كان عدوّا لجبرئيل فليختنق ؛ فانّ جبرئيل نزّل القرآن المصدّق لكتابكم في إثبات نبوّتي ونسخ دينكم على قلبي وأعاننى على ذلك بإذن الله ، أو من كان عدوّا لجبرئيل فلا وجه له فانّ جبرئيل نزّل القرآن المصدّق لكتابكم والمصحّح لدينكم على قلبي فيلزمكم المحبّة له لا العداوة فقوله (فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ) من قبيل اقامة السّبب مقام المسبّب ؛ وكان حقّ العبارة ان يقول : على قلبي لكنّه عدل الى حكاية قول الله كأنّه قال من كان عدوّا لجبريل فانّ الله يقول انّه نزّله على قلبك ، أو الجزاء محذوف وقوله فانّ الله نزّله على قلبك من كلام الله لتعليل الأمر بالقول أو لتعليل الجزاء المحذوف وفي جبريل لغات عديدة قرئ بثمان منها جبرئيل كسلسبيل بفتح الجيم وكسرها ، وجبريل كقنديل بالفتح والكسر ، وجبرئل كجحمرش ، وجبرائيل كميكائيل بكسر الجيم وفتحه ، وجبرائل بالكسر والفتح ، وجبرال بالكسر والفتح وهكذا جبرعيل باللّغات المذكورة وقد يبدّل اللّام بالنّون وأسماء العجمة إذا عرّبت تغيّر تغييرا كثيرا (مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) من كتب الله ومنها التّوراة (وَهُدىً وَبُشْرى) عدل الى المصدر للمبالغة (لِلْمُؤْمِنِينَ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ) استيناف من الله أو من جملة ما أمره الله ان يقوله لهم روى أنّ المنافقين لمّا سمعوا ما قال النّبىّ (ص) في علىّ (ع) من أنّ جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره وإسرافيل من خلفه وملك الموت امامه والله تعالى من فوق عرشه ناظر بالرّضوان اليه قال بعض النّصّاب : أنا أبرأ من الله وجبرئيل وميكائيل والملائكة الّذين حالهم مع علىّ (ع) ما قاله محمّد (ص) فقال الله : من كان عدوّا لله (وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ) فليحذر من معاداة الله أو فليتهيّأ لمعاداة الله (فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ) وضع الظّاهر موضع المضمر إيماء الى أنّه كافر وإظهارا لوصفه المذموم واشعارا بعلّة الحكم (وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ آياتٍ) معجزات أو احكام بحسب القالب والقلب أو آيات من القرآن أو آيات من آيات النفس أو آيات الآفاق الظّاهرة في نفسك (بَيِّناتٍ) واضحات دالّات على صدقك ورسالتك وإمامة علىّ (ع) وصيّك وفي تفسير الامام (ع): دالّات على صدقك في نبوّتك مبيّنات عن إمامة علىّ (ع) أخيك ووصيّك وصفيّك ، موضحات عن كفر من شكّ فيك أو في أخيك ، وذكر الدّالات والمبيّنات والموضحات في ذيل البيّنات ليس تفسيرا للبيّنات بل هي تفسير للآيات فانّ الآية بما هي آية ما يدلّ على شيء آخر ويوضحه أو هي تفسير للبيّنات (وَما يَكْفُرُ بِها إِلَّا الْفاسِقُونَ) وقوله (وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ) الى آخر الآية اشارة الى صغرى قياس من الشّكل الاوّل وقوله : (وَما يَكْفُرُ بِها) (الى آخرها) اشارة الى كبري قياس آخر من الشّكل الاوّل ترتيبها هكذا : أنت رسول من الله بالآيات ، وكلّ رسول معه آيات ، عدوّه كافر به وبآياته من حيث رسالته فأنت عدوّك كافر بك وبآياتك وكلّ كافر بك وبآياتك فاسق ، فأنت عدوّك فاسق والفسق الخروج عن طاعة العقل وهو الرّسول الدّاخلىّ وعن طاعة الرّسول وهو العقل الخارجىّ وفي تفسير الامام (ع) قال علىّ بن الحسين عليهماالسلام في تفسير هذه الآية : وذلك أنّ رسول الله (ص) لمّا آمن به عبد الله بن سلام