واحدا كان أو جماعة وتطلق على من يؤتمّ به واحدا كان أم جماعة ، وفي اللّغة الامّة بالضمّ الرّجل الجامع للخير والامام وجماعة أرسل إليهم رسول والجماعة من كلّ حىّ والجنس ومن هو على دين الحقّ والعالم ، ومن الرّجل قومه ؛ والامّة هاهنا امّا بمعنى الائمّة أو بمعنى الآمّين (وَسَطاً) متوسّطة بين المفرطين والمفرّطين كما ورد : نحن النمرقة الوسطى بنا يلحق التّالى وإلينا يرجع الغالي (لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ) وهذا يدلّ على انّ المراد بالامّة الأئمّة (ع) ومن يحذو حذوهم من مشايخهم نسب الى الباقر (ع) انّما أنزل الله وكذلك جعلناكم ائمّة وسطا لتكونوا شهداء على النّاس ويكون الرّسول شهيدا عليكم ، قال : ولا يكون شهداء على النّاس الّا الأئمّة والرّسل فأمّا الامّة فانّه غير جائز ان يستشهدها الله وفيهم من لا تجوز شهادته في الدّنيا على حزمة بقل. ونسب اليه (ع) وأيم الله لقد قضى الأمر أن لا يكون بين المؤمنين اختلاف ولذلك جعلهم شهداء على النّاس ليشهد محمّد (ص) علينا ، ولنشهد على شيعتنا ، وليشهد شيعتنا على النّاس ، والشّهداء جمع الشّهيد وقد يكسر شينه بمعنا الحامل للشّهادة أو المؤدّى لها فيكون فعيل بمعنى الفاعل والشّهيد بمعنى القتيل في سبيل الله فهو فعيل بمعنى المفعول لانّه مشهود عليه يعنى حضرته الملائكة أو شهد الله عليه وملائكته بالجنّة (وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) والمراد بالشّهادة عليهم إظهار ما هم عليه من الخير والشّرّ فتكون اعمّ من الشّهادة عليهم ولهم وانّما عدّى العبارة بعلى للاشعار بأنّ شهادتهم ليست كشهادة النّاس بعضهم على بعض بل الشّهادة هناك عبارة عن احاطة الشّاهد بالمشهود عليه وله وإظهاره ما للمشهود عليه وما عليه ، لا الأخبار باللّسان فقط وان كان لهم هناك اخبار بلسان موافق لذلك العالم وهذا لا يكون الّا باستيلاء الشّاهد المستفاد من لفظ على (وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها) يعنى بيت المقدّس كنت عليها مدّة اربع عشرة سنة (إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ) يرتدّ عن دين محمّد (ص) بعد التديّن به ، شبّه المرتدّ عن الدّين بمن يرجع القهقرى ، واسناد العلم بنحو الحدوث في المستقبل أو في الحال الى الله امّا باعتبار مظاهره وخلفائه أو باعتبار العلم الّذى هو مع المعلوم لا العلم الّذى هو قبل المعلوم كما نسب الى الامام (ع) انّه قال يعنى الّا لنعلم ذلك منه وجودا بعد ان علمناه سيوجد واتّصاف العلم الّذى هو مع المعلوم بالحدوث انّما هو باعتبار تعلّق معلوم به لا باعتبار انتسابه الى العالم فانّ الواجب بالذّات واجب من جميع الجهات ، أو المعنى الّا ليظهر علمنا أو لتميّز ، وقوله تعالى (مِمَّنْ يَنْقَلِبُ) دليل هذا المعنى فانّ لفظة من هاهنا هي الّتي تستعمل بعد التميّز فان كان نزول الآية قبل صرفهم الى الكعبة كان المعنى وما جعلنا القبلة الّتي كنت عليها في مكّة الّا لنعلم من يتبّع الرّسول ومن يتبّع الهوى فانّ أهل مكّة لألفهم الى مكّة كان هواهم في الكعبة ، وان كان بعد صرفهم الى الكعبة يحتمل ان يراد بالقبلة الكعبة وبيت المقدّس نسب الى الامام (ع) انّه قال : وذلك انّ هوى أهل مكّة كان في الكعبة فأراد الله تعالى ان يبيّن متبّع محمّد (ص) ممّن خالفه باتّباع القبلة الّتى كرهها ومحمّد (ص) يأمر بها ، ولمّا كان هوى أهل المدينة في بيت المقدّس أمرهم بمخالفتها والتّوجّه الى الكعبة لتبيّن انّ من يوافق محمّدا فيما يكرهه فهو مصدّقه وموافقه (وَإِنْ كانَتْ) القبلة الّتي كنت عليها أو الصّلوة الى تلك القبلة في ذلك الوقت (لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ) لا على الّذين بايعوا محمّد (ص) لأغراض نفسانيّة من دون هداية من الله ، ولفظة ان مخفّفة من المثقّلة (وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ) اى صلوتكم سمّى الصّلوة ايمانا لأنّها أعظم آثاره وبدونها لم يكن الايمان