محمّد (ص) من حيث رسالته والمتحقّق بها بوجه كونها رحمة رحيميّة هو (ص) من حيث ولايته فبقاء الأشياء بالرّسالة واستكمالها بالولاية فكلّ شيء بلغ الى آخر كمالات نوعه كان قابلا للولاية على ما ينبغي له وما لم يبلغ انتقص من قبوله الولاية بحسبه ، وكلّما لم يستكمل في نوعه بشيء من كمالاته لم يكن يقبل شيئا من الولاية كما ورد عنهم (ع) في الأراضي السّبخة والمياه المرّة أو المالحة والبطيحة انّها لم تقبل ولايتنا أهل البيت ، هذا بحسب التّكوين ولو انقطع هذه الرّحمة الرّحيميّة التكوينيّة عن الأشياء لم يستكمل شيء منها في شيء من مراتب كمال نوعه كما انّه لو انقطع الرّحمة الرّحمانيّة عن الأشياء لما بقي شيء آنين ، والى هذا الانقطاع أشاروا (ع) بقولهم : لو ارتفع الحجّة من الأرض لساخت الأرض بأهلها ، وامّا بحسب التّكليف فالنّاس مكلّفون بالإقبال والتّوجّه على الولاية كما انّ صاحب الولاية متوجّه إليهم وبهذا الإقبال وذلك التوجّه يستكمل الحرث والنّسل في العالم الصّغير ويزرع ما لم يكن يزرع بدون قبول الولاية والبيعة والمعاهدة ويتولّد ما لم يكن يولد بدونها ، وكلّما ازداد التّوجّه من الخلق ازداد التّوجّه من صاحب الأمر وبازديادهما التّوجّهين يزداد الحرث والنّسل واستكمالهما في العالم الصّغير وبازديادهما وازدياد استكمالهما في الصّغير يزداد وجودهما واستكمالهما في العالم الكبير فكلّ من جاهد في استرضاء صاحبه ازداد بحسب جهاده توجّه صاحب الوقت ورضاه عنه ، وبحسب ازدياد توجّهه ورضاه يزداد البركة في الحرث والنّسل في العالم الصّغير والكبير ؛ واليه أشار بقوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ) في العالم الصّغير والأرض في العالم الكبير ؛ أو من كليهما في كليهما ، وبقوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ) يعنى في الصّغير وفي الكبير ؛ ونعم ما قال المولوى قدسسره :
تا توانى در رضاي قطب كوش |
|
تا قوى گردد كند در صيد جوش |
چون برنجد بينوا گردند خلق |
|
كز كف عقل است چندين رزق خلق |
أو چو عقل وخلق چون اجزاى تن |
|
بسته عقل است تدبير بدن |
ضعف قطب از تن بود از روح نى |
|
ضعف در كشتى بود در نوح نى |
يارئى ده در مرمّه كشتيش |
|
گر غلام خاص وبنده گشتيش |
ياريت در تو فزايد نى در أو |
|
گفت حق : ان تنصرو الله ينصر |
ومن هذا يعلم انّ التّوجّه التّكليفىّ وازدياده مورث لقوّة الولاية التكوينيّة ، وازدياد الحرث والنّسل وازدياد استكمالهما في الصّغير والكبير ، والاعراض عن الولاية التكليفيّة مورث لافسادهما واهلاكهما في الصّغير والكبير ، وكلّما ازداد الاعراض ازداد الإفساد والإهلاك وإذا انجرّ الاعراض الى منع الغير ازداد اشدّ ازدياد وإذا انجرّ الى التّكذيب والاستهزاء كان غاية الإفساد والإهلاك ؛ وقوله تعالى : (ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ) اشارة الى هذا ؛ وعلى هذا يجوز ان يقال : وإذا تولّى عن الولاية سعى في الأرض ولكن غاية سعيه الإفساد فيها وإهلاك الحرث والنّسل ولا يشعر هو به (وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ) ومثله يستعمل في معنى يبغض الفساد وان كان بحسب مفهومه اعمّ منه (وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ) اتّق سخط الله في الإفساد والإهلاك استنكف من نصح النّاصح لانّه لا يظنّ من نفسه سوى الإصلاح يعنى (أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ) اى المناعة والاستنكاف (بِالْإِثْمِ) اى بسبب الإثم الّذى اكتسبه قبل أو أخذته العزّة بقيد الإثم الّذى ينهى عنه اى حملته العزّة على