هلاك الفاسد بل مصلحا لفساده أو دفع شرّ الأشرار بالأخيار أو بالأشرار (تِلْكَ) الّتى ذكرت من إماتة الألوف ووقوعهم على ما فرّوا منه واحياءهم بعد إماتتهم واستقراضه ممّن اعاده ما اعاده ايّاهم ومضاعفة العوض لهم وتسليط طالوت الفقير على الأغنياء والاشراف وابتلاء بنى إسرائيل بالنّهر وشرب الكثير وعدم شرب القليل وغلبتهم مع قلّتهم على جنود جالوت الكثيرة وقتل داود (ع) جالوت وايتائه الملك مع كونه راعيا والحكمة والعلم ، وجعل دفع النّاس بعضهم ببعض الّذى هو سبب فساد الأرض سببا لصلاحها (آياتُ اللهِ) التّكوينيّة الدّالّة على كمال قدرته وحكمته وانّه لا ينظر في عطائه الى شرف وحسب ونسب المبنيّة بآياته التّدوينيّة (نَتْلُوها) من التلاوة (عَلَيْكَ) خبر بعد خبر أو خبر ابتداء وآيات الله بدل من تلك أو حال أو مستأنف جواب لسؤال مقدّر (بِالْحَقِ) ظرف مستقرّ حال عن الفاعل أو المفعول اى حالكوننا ظاهرين بالحقّ أو حالكوننا متلبّسين بالحقّ اى الصّدق أو ظرف لغو متعلّق بنتلوها اى نتلوها بسبب الحقّ المخلوق به فانّ افعال الله تعالى لا تصدر الّا بتوسّط الحقّ الّذى هو المشيّة (وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) عطف على قوله (تِلْكَ آياتُ اللهِ) أو حال عن الآيات أو عن مفعول نتلوها أو عن الضّمير المجرور والمقصود انّا نتلو الآيات عليك والحال انّك من المرسلين فبلّغها حتّى يعلموا انّك صادق في دعواك حيث تخبر بالمسطورات في كتبهم من غير تعلّم وتعرّف.
الجزء الثّالث
(تِلْكَ الرُّسُلُ) جواب لسؤال مقدّر عن حال الرّسل وتساويهم وتفاضلهم وتمهيد لبيان تفضيله (ص) على الآخرين (فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ) في منقبة دون منقبة كأكثر الأنبياء الّذين لم يكونوا اولى العزم أو في أكثر المناقب كاولى العزم وغيرهم من ذوي الدّرجات منهم أو في الكلّ كخاتم الأنبياء (ص) (مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ) خبر بعد خبر ان جعل تلك الرّسل مبتدء ، أو تلك مبتدء والرّسل خبره ، أو هو خبر ابتداء ان جعل فضّلنا حالا أو معترضا ، أو هو مستأنف جواب لسؤال مقدّر أو بيان لفضّلنا بعضهم على بعض نظير عطف البيان في المفردات وهذا بيان للتّفضيل بمنقبة خاصّة (وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ) بيان للتّفضيل في مناقب عديده ، ودرجات تميز محوّل عن المفعول وليس حالا ولا قائما مقام المصدر كما قيل للاحتياج الى كلفة التّأويل حينئذ ، عن النّبىّ (ص) انّه قال ما خلق الله خلقا أفضل منّى ولا أكرم عليه منّى ، قال علىّ (ع) فقلت : يا رسول الله أفأنت أفضل أم جبرئيل؟ ـ فقال : انّ الله فضّل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقرّبين وفضّلني على جميع النّبيّين والمرسلين ، والفضل بعدي لك يا علىّ وللائمّة من بعدك وانّ الملائكة لخدّامنا وخدّام محبّينا (وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ) المعجزات الظّاهرة المذكورة في الكتاب (وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ) تأييدا خاصّا غير التّأييد الّذى كان لسائر الأنبياء وقد التفت في الكلام من الغيبة الى التّكلّم ثمّ منه الى الغيبة ثمّ منها الى التّكلّم ثمّ منه الى الغيبة فيما يأتى ، والوجه العامّ في الالتفات إيقاظ المخاطب للتّوجّه الى الكلام توجّها أتمّ من التّوجّه السّابق وتجديد نشاطه ، ويوجد في خصوص الموارد بعض الدّواعى الخاصّة (وَلَوْ شاءَ اللهُ) عدم الاقتتال عطف على محذوف جواب لسؤال مقدّر كأنّه قيل فما فعل النّاس بعد مجيء الرّسل؟ ـ فقال : اختلفوا واقتتلوا ، ولو شاء الله (مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ)