الظّنون وكثيرا ما يطلق عليها الظّنون وانّ علوم النّفوس لتغيّرها وعدم ثباتها كالظّنون (أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللهِ) وهم الّذين لم يغترفوا (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ) اى بترخيصه وإمداده فانّ الاذن في أمثال المقام ليس معناه التّرخيص فقط (وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) قد مضى انّ هذه المعيّة ليست مثل المعيّة في قوله تعالى : (هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ ،) ومثلها في قوله (ع) مع كلّ شيء لا بالممازجة فانّ هذه معيّة رحيميّة وتلك معيّة رحمانيّة وعن الرّضا (ع): أوحى الله تعالى الى نبيّهم انّ جالوت يقتله من يسوّى عليه درع موسى (ع) وهو رجل من ولد لاوى بن يعقوب (ع) اسمه داود بن آسى وكان آسى راعيا وكان له عشرة بنين أصغرهم داود فلمّا بعث طالوت الى بنى إسرائيل وجمعهم لحرب جالوت بعث الى آسى ان احضر واحضر ولدك فلمّا حضروا دعا واحدا واحدا من ولده فألبسه الدّرع درع موسى (ع) فمنهم من طالت عليه ومنهم من قصرت عنه فقال لآسى هل خلّفت من ولدك أحدا؟ ـ قال : نعم أصغرهم تركته في الغنم راعيا فبعث اليه فجاء به فلمّا دعا أقبل ومعه مقلاع قال : فناداه ثلاث صخرات في طريقه فقالت : يا داود خذنا فأخذها في مخلاته وكان شديد البطش قويّا في بدنه شجاعا فلمّا جاء الى طالوت ألبسه درع موسى (ع) فاستوت عليه ففصل طالوت بالجنود وقال لهم نبيّهم : يا بنى إسرائيل انّ الله مبتليكم بنهر في هذه المفازة فمن شرب منه فليس من حزب الله ومن لم يشرب فهو من حزب الله الّا من اغترف غرفة بيده فلمّا وردوا النّهر أطلق الله لهم ان يغترف كلّ واحد منهم غرفة فشربوا منه الّا قليلا منهم فالّذين شربوا منه كانوا ستّين ألفا وكان هذا امتحانا امتحنوا به كما قال الله عزوجل (وَلَمَّا بَرَزُوا لِجالُوتَ وَجُنُودِهِ قالُوا) ملتجئين الى الله مستنصرين به كما هو ديدن كلّ من وقع في شدّة واضطرار (رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً) افرغ الماء صبّه وكأنّهم طلبوا كثرة الصّبر لشدّة خوفهم وتوحّشهم ولذلك استعملوا الإفراغ (وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللهِ وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ) في خبر عن الصّادق (ع): انّ داود جاء فوقف بحذاء جالوت وكان جالوت على الفيل وعلى رأسه التّاج وفي جبهته ياقوتة يلمع نورها وجنوده بين يديه فأخذ داود من تلك الأحجار حجرا فرمى به ميمنة جالوت فمرّ في الهواء ووقع عليهم فانهزموا ، وأخذ حجرا آخر فرمى به ميسرة جالوت فانهزموا ، ورمى جالوت بحجر فصكّ الياقوتة في جبهته ووصلت الى دماغه ووقع على الأرض ميتا (وَآتاهُ اللهُ الْمُلْكَ) اى السّلطنة الصوريّة أو الرّسالة (وَالْحِكْمَةَ) النظريّة والعمليّة فتكون اعمّ من الرّسالة وأحكامها والنّبوّة والولاية وآثارهما ، أو أو المراد بالحكمة الحكمة العمليّة وقوله تعالى (وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ) كان اشارة الى الحكمة النّظريّة أو بالعكس (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ) بعضهم بدل من النّاس بدل البعض والمعنى لو لا دفع الله البلاء عن النّاس عن البعض ببعض آخر يعنى عن الكفّار بالمؤمنين ، أو عن بعض المؤمنين القاصرين بالبعض الكاملين في الأعمال ، أو لو لا دفع الله النّاس أنفسهم بعضهم الكفّار بالبعض الآخر من الكفّار أو بالمسلمين ، أو لولا دفع الله النّاس بعضهم ببعض آخر كالحكّام والسّلاطين فانّ إصلاح النّاس ودفع الأشرار عن العباد بالسّلطان أكثر من الإصلاح بالرّسل ، والى الكلّ أشير في الاخبار (لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ) حيث جعل صلاح الصّالح سببا لعدم