أخرجه الله من قواه واعدامه متدرّجا الى نور الايمان ، ثمّ يتفضّل الله عليه بدوام الإخراج التجدّدىّ ويتدرّج هو في الخروج الى ان يخرج من تمام القوى والاعدام والحدود الى تمام الفعليّة والنّور ، ولمّا كان النّور حقيقة واحدة ليس اختلافها الّا بالشدّة والضعف الّذى يؤكّد الوحدة وسعتها أو باختلاف الحدود والمهيّات ولا يؤثّر اختلاف الحدود في ذاته وكانت الظّلمات اى القوى والحدود والاعدام الشّأنيّة متكثّرة مختلفة بذواتها ومورثة للكثرة في النّورانى بالنّور مفردا وبالظّلمات جمعا (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ) قد مضى بيان الطّاغوت قبيل هذا ، وتأخير الطّاغوت عن الأولياء مع انّه مبتدء بقرينة حمل الولىّ على الله في قرينة لعدم الاعتداد به ، وجمع الأولياء مع افراد الطّاغوت امّا لارادة الجنس من الطّاغوت والاشعار بتعدّد الطّواغيت كالظّلمات ، أو للاشارة الى تعدّد جهات ولاية كلّ طاغوت كأنّه مع وحدته أولياء للكافر (يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ) فسّر في أخبارنا النّور في الفقرتين بنور الإسلام والظّلمات بظلمات الكفر وبآل محمّد (ص) وأعدائهم وبنور التّوبة وظلمات الذّنوب (أُولئِكَ) الكافرون أو الطّواغيت أو المجموع (أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) الإتيان باسم الاشارة واسميّة الجملة وتأكيد الخلود المستفاد من صحابة النّار بالتّصريح به للتّغليظ والتّطويل والتّأكيد المطلوب في مقام الذمّ (أَلَمْ تَرَ) الم ينته رؤيتك (إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ) التعدّية ب إلى للتّضمين المذكور المشعر ببعد المفعول عن الرّؤية والإدراك والجملة جواب لسؤال مقدّر كأنّه قيل : ما الشّاهد على الاخراجين؟ ـ فقال تعالى إخراج نمرود حين المحاجّة في الله من نور التّسليم لربوبيّة الله الى ظلمات انكار الرّبّ والمغالطة في المحاجّة والتّحيّر حين المغلوبيّة وإخراج النّبىّ الّذى مرّ على القرية من ظلمة الشّكّ والحيرة وحجاب العلم الى نور الشّهود والعيان لكنّه أخرجه في صورة الاستفهام التعجيبىّ تفضّلا في الجواب بالمبالغة في استغراب القضيّتين ، ونمرود حاجّ إبراهيم (ع) قبل القائه في النّار كما قيل أو بعد القائه وخروجه سالما من النّار كما نسب الى الصّادق (ع) (أَنْ آتاهُ) اى إبراهيم (اللهُ الْمُلْكَ) ملك النّبوّة والطّاعة أو نمرود الملك الصورىّ وهو بتقدير لام التّعليل (إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ) بدل من الّذى حاجّ نحو بدل الاشتمال ، أو ظرف لحاجّ والمقصود إذ قال إبراهيم بعد ما قال نمرود له من ربّك يا إبراهيم؟ ـ (رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ) أتى بوصف الأحياء الّذى يعجز عنه غير الله وذكر الاماتة ليس للتّعجيز بل لمناسبة التضادّ أو هي أيضا للتعجيز فانّ الاماتة إزهاق الرّوح من دون فعل من المميت بالنّسبة الى بدن الميّت أو روحه ، وهذا خاصّ بالله فان كان الإزهاق بسبب فعل فاعل كان قتلا لا إماتة (قالَ) مثل هذا يكون جوابا لسؤال مقدّر (أَنَا أُحْيِي) بان لا اقتل من وجب القتل عليه وانجيه من الحبس (وَأُمِيتُ) بقتل من أردت قتله ، وهذا مغلطة منه في الجواب تمويها على العوامّ لانّ إبقاء الحيوة الحاصلة من الله ليس احياء على انّه ليس إبقاء للحيوة بل هو ترك لفعل يؤدّى الى إزهاق الرّوح ؛ وهكذا الحال في الاماتة ، ولمّا كان إلزامه ببيان مغلطته في الجواب لم يكن يظهر على العوامّ عدل عن الإلزام ببيان المغلطة الى التّعجيز بوصف آخر ، روى عن الصّادق (ع): انّ إبراهيم (ع) قال له فأحى من قتلته ان كنت صادقا و (قالَ إِبْراهِيمُ فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ) لمّا ادّعى الرّبوبيّة لنفسه بالاشارة الى قياس مستفاد من ادّعاء حصر الأحياء والاماتة في نفسه بتقديم المسند اليه في قوله (أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ) تصويره هكذا ربّك الّذى يحيى ويميت وكلّ محيى ومميت انّا فانا ربّك ، وموّه ذلك على العوامّ