أو خبر لمحذوف (وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا) بالرّسل وأوصيائهم وسائر الآيات (فَأَخَذَهُمُ اللهُ) التفات من التكلّم الى الغيبة لانّ المؤاخذة لا تكون الّا في المظاهر الدّانية لله بخلاف الآيات فانّها منسوبة اليه تعالى باعتبار المقام العالي (بِذُنُوبِهِمْ وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ قُلْ) يا محمّد (ص) (لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ) في الدّنيا وحال الموت وفي البرازخ وفي المحشر (وَتُحْشَرُونَ) بعد الانتهاء الى المحشر (إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ) نسب الى الرّواية انّه لمّا أصاب رسول الله (ص) قريشا ببدر وقدم المدينة جمع اليهود في سوق قينقاع فقال : يا معشر اليهود احذروا من الله مثل ما نزل بقريش يوم بدر وأسلموا قبل ان ينزل بكم ما نزل بهم فقد عرفتم انّى نبىّ مرسل تجدون ذلك في كتابكم فقالوا : يا محمّد (ص) لا يغرّنّك انّك لقيت قوما اغمارا لا علم لهم بالحرب فأصبت منهم فرصة امّا والله لو قاتلتنا لعرفت انّا نحن النّاس فأنزل الله هذه الآية وقد فعل الله ذلك بهم وصدق وعده بقتل بنى قريظة واجلاء بنى النّضير وفتح خيبر ووضع الجزية على من بقي منهم وغلب المشركين وهو من دلائل النّبوّة (قَدْ كانَ لَكُمْ) ايّها اليهود أو مطلق الكفّار أو مطلق النّاس من المسلمين والكفّار (آيَةٌ) علامة دالّة على صدق محمّد (ص) في رسالته (فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا) ببدر (فِئَةٌ) قليلة عددهم ثلاثمائة وثلاثة عشر (تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ) كثيرة عددهم قريب من الالف وهم مشركو مكّة (يَرَوْنَهُمْ) الفاعل راجع الى الفئة المسلمة أو الكافرة والمفعول امّا راجع الى مرجع الفاعل أو الى مقابله وهكذا ضمير قوله تعالى (مِثْلَيْهِمْ) راجع الى مرجع الفاعل أو مقابله والكلّ صحيح بحسب المعنى وبحسب اللّفظ فانّ المسلمين رأوا المشركين قليلين ليجترؤا عليهم ولعلّهم رأوهم قبل الغزو كثيرين ليلتجئوا الى الله ولا يتّكلوا على عددهم وقوّتهم ، والمشركين رأوا المسلمين قليلين قبل الغزو ليقدموا على المقاتلة ثمّ رأوهم كثيرين حين الغزو ليجنبوا ويهزموا (رَأْيَ الْعَيْنِ) لا رأى الخيال (وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ إِنَّ فِي ذلِكَ) التّقليل والتكثير والغلبة من القليل على الكثير (لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ) المدركة من الأشياء ما يعتبرون به ولمّا صار المقام مقام ان يسأل ما كان سبب توقّف النّاس عن القبول بعد وضوح الآيات أجاب بانّه (زُيِّنَ لِلنَّاسِ) اى ذوي النسيان لا الإنسان (حُبُّ الشَّهَواتِ) الشّهوة هي المحبّة النفسانيّة والحبّ اعمّ منها ، وتزيين الشّيء إراءته بحيث يكون مرغوبا فيه للرّائى وتعليق التّزيين على الحبّ للاشارة الى انّ تزيّن الشّيء وتزيينه ليس الّا من حيث نفس الحبّ لا من حيث شيء آخر ولا من حيث خصوصيّات المحبّة من كونها شهوة أو حبّا إلهيّا أو عشقا أو شوقا ، واضافة الحبّ الى الشّهوات للاشارة الى انّ المانع من الاعتبار هو الحبّ الحاصل في ضمن الشّهوة وعلى هذا فالحبّ والشّهوة على معانيهما المصدريّة وقوله تعالى (مِنَ النِّساءِ) حال من الشّهوات ولفظة من ابتدائيّة وتقديم النّساء لكونهنّ أتمّ في الاشتهاء من سائر المشتهيات (وَالْبَنِينَ) بل مطلق الأولاد لكن لكراهة بعض النّفوس للبنات على الإطلاق وكراهة بعضها لهنّ قبل وجودهنّ ونموّهنّ لم يذكرهنّ في المشتهيات (وَالْقَناطِيرِ) جمع القنطار وهو أربعون وقيّة (١) من الذهب ، أو الف ومائتا دينار ، أو ثمانون الف درهم ، أو مأة رطل من ذهب ، أو فضّة ، أو الف ومائتا أوقيّة (٢) أو سبعون الف دينار أو ملء مسك ثور ذهبا أو فضّة (الْمُقَنْطَرَةِ) التامّة المكمّلة (مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ) المرعاة أو المعلمة أو الحسنة من السّيماء (وَالْأَنْعامِ) الثّلاثة البقر والغنم والإبل (وَالْحَرْثِ)
__________________
(١ ، ٢) الاقيّة بضم الالف وكسر القاف وتشديد الياء المفتوحة وكذا الوقيّة عبارة عن سبعة مثاقيل ، جمع أواق وأواقي ووقايا.