بقوله تعالى : (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ) وبإنشاء الآيات الانفسيّة وجعلها دالّة على وجود الحقّ وصفاته المشار اليه بقوله تعالى : (وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُ) وفي مقام المشاهدة بظهوره تعالى في كلّ شيء وفيء المشار اليه بقوله تعالى (أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)(أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ) بذواتهم والسنة أحوالهم ، وأقوالهم ويجوز ان يكون عطفا على المستثنى بحيث لا يكون منافيا للتّوحيد ولا مستلزما لتعدّد الآلهة ، وقوله تعالى : (قائِماً بِالْقِسْطِ) قائم بالمجموع أو بالله معنى وهو بحسب الاعراب صفة لاسم لا أو حال عن المستثنى أو المستثنى منه والمعنى شهد الله كافيا للخلق بسبب القسط أو مقيما للقسط وقول الباقر (ع) انّ اولى العلم الأنبياء (ع) والأوصياء (ع) وهم قيام بالقسط يؤيّد قيامه بالمجموع ، ولرفع توهّم تعدّد الآلهة على احتمال عطف الملائكة على المستثنى اكّد التّوحيد بقوله تعالى (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) من دون عطف كأنّه قيل : يلزم من ذلك تعدّد الآلهة المنافى للتّوحيد فقال : لا آله الّا هو لانّ آلهة الملائكة واولى العلم ليست الّا ظهور آلهة الله وليست آلهتهم مغايرة حتّى يلزم تعدّد الآلهة (الْعَزِيزُ) الغالب الّذى لا مجال لآلهة غيره معه (الْحَكِيمُ) الّذى لا يجعل أحدا مظهرا لآلهيّته الّا بحكم ومصالح (إِنَّ الدِّينَ) له معان والمراد به هاهنا الطّريق الى الآخرة والى الله (عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) يعنى بعد ظهور الإسلام انحصر الطّريق الى الله في الإسلام وانقطع ما كان حقّا من سائر الأديان وقد مضى بيان للإسلام والايمان في اوّل سورة البقرة (وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) من اليهود والنّصارى في حقّيّته أو في انحصار الدّين فيه (إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ) بظهوره وبعثة محمّد (ص) الآتي به يعنى كانوا متّفقين على حقّيّة محمّد (ص) ودينه وانحصار الدّين في دينه قبل مبعثه الى ان بعث وأيقنوا انّه النبىّ الموعود فاختلفوا في حقّيّته بان اقرّ بعض وأنكر بعض بعد يقينهم ببعثته (بَغْياً بَيْنَهُمْ) استطالة وطلبا للرّياسة في أهل ملّتهم أو طلبا للمآكل المقرّرة لهم في أهل ملّتهم (وَمَنْ يَكْفُرْ) حال أو عطف (بِآياتِ اللهِ) التّدوينيّة والتّكوينيّة كآيات التّوراة والإنجيل النّاطقة بحقّيّة دين الإسلام وصدق محمّد (ص) وآيات القرآن الدّالّة على حقّيّته وحقّيّة ووصيّه وكمحمّد (ص) وعلىّ (ع) وأولادهما (ع) فانّ الله يعذّبه على كفره لانّه لا يدع عملا بلا جزاء ولا يفوته كفر الكافر (فَإِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) وعيد لمن كفر منهم ومن يكفر بعلىّ (ع) بعد محمّد (ص) من أمّته (فَإِنْ حَاجُّوكَ) في حقّيّة الإسلام أو في انحصار الدّين فيه (فَقُلْ) الإسلام إخلاص الوجه لله و (أَسْلَمْتُ) اى أخلصت عن الشّرك والخديعة أو سلّمت (وَجْهِيَ لِلَّهِ) بسبب الإسلام وهذا وصف لا ينكره أحد فلا وجه لمحاجّتكم لي في دين الإسلام والمراد بالوجه الذّات فانّ شيئيّة الشّيء بصورته لا بمادّته وصورة كلّ شيء فعليّته الاخيرة ، وفعليّته الاخيرة ما به توجّهه كما انّ وجه البدن ما به توجّهه (وَمَنِ اتَّبَعَنِ) عطف على الضّمير المرفوع ولم يؤكّد بالضّمير المنفصل للفصل بينه وبين المعطوف عليه أو عطف على الله اى أخلصت وجهي لله ولمن اتّبعن ، أو سلّمت وجهي الى الله والى من اتّبعن ، فانّ المسلم والمؤمن له وجهان وجه الى الله ووجه الى الخلق ، والإسلام كما يقتضي إخلاص الوجه لله وتسليمه اليه يقتضي إخلاص الوجه لخلق الله وتسليمه إليهم (وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ) الّذين لا كتاب لهم ولا نبىّ يعنى الّذين ما حصل لهم من الكمالات الانسانيّة شيء سوى الانتساب الى الام (أَأَسْلَمْتُمْ) يعنى بعد ما ذكرت لهم انّ الإسلام يقتضي