وعدم اجتماع الميم مع حرف النّداء دليل الاوّل (مالِكَ الْمُلْكِ) صفة اللهمّ أو منادى بحذف حرف النّداء والإتيان به قبل الحكم للبراعة ، وليكون مشعرا بعلّة الحكم ، والمراد بالملك عالم الملك المقابل للملكوت ويقال لعالم الطّبع عالم الملك لانّه ليس فيه الّا حيثيّة المملوكيّة بخلاف الملكوت والجبروت لانّ فيهما حيثيّة المالكيّة أظهر من حيثيّة المملوكيّة والملك بتثليث الميم وبالفتحتين وبالضّمّتين ما تملكه وتستبدّ بالتّصرّف فيه ، أو المراد به مطلق عالم الإمكان من الملك والملكوت والجبروت ، أو مطلق مراتب العالم الصّغير والكبير حتّى يشمل ملك القلوب ودولة الرّسالة والنّبوّة وخلافتهما (تُؤْتِي الْمُلْكَ) حال أو مستأنف جواب لسؤال مقدّر أو مستأنف للمدح والمراد بالملك الثّانى امّا عين الاوّل كما هو المتبادر من تكرار المعرفة ، أو المراد به بعض معاني الاوّل (مَنْ تَشاءُ) ان تؤتيه من غير مانع وعجز (وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ) إعزازه والعزّة هاهنا مقابل الذّلّة والمراد به امّا عزّ الملك فيكون تأكيدا لمفهوم الاوّل ، أو غير العزّة اللازمة للملك فيكون تأسيسا (وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ) لا بيد غيرك جنس (الْخَيْرُ) أو جميع أنواعه وافراده وهذه الجملة حال أو مستأنف جوابا لسؤال مقدّر أو للمدح وتخصيص الخير بالذّكر امّا لكون المقام للتّرغيب فيما عنده والمناسب له ذكر الخير ، أو لانّ الشرّ عدميّ راجع الى العدم والعدم لا شيء محض لا يجرى عليه حكم الشّيء (إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) تعميم بعد تخصيص والجملة كالجمل السّابقة في الاعراب (تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ) وهذه كالجمل السّابقة في الاعراب والمراد بايلاج اللّيل في النّهار إيلاج بعضه بنقصان اللّيل والزّيادة في النّهار ، أو المراد تعقيبه للنّهار فيكون المراد إيلاج اللّيل مكان النّهار ولا اختصاص للّيل بليل الزّمان بل يشمله ويشمل عالم الأرواح الخبيثة وعالم الطّبع ومادّة الإنسان وطبيعته ومرضه وغمّه وألمه ورذائله وكفره وجهله ، وذكر هذه بعد تعميم القدرة للاشارة الى صعوبتها كأنّها معدودة من الممتنعات الغير المقدور عليها فانّها جمع بين الاضداد (وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ) هذه تعلم بالمقايسة (وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ) الحيوان من الجماد ، أو المؤمن من الكافر ، أو العالم من الجاهل ، أو النّفس الانسانيّة من النّفس الحيوانيّة ، أو النّفس الحيّة من الطّبع الميّت ، أو الباقي من الفاني ، فانّ فناء الإنسان موت حقيقىّ له وبقاءه بعد الفناء حيوة حقيقيّة بحيوة الله تعالى ، أو المراد تميّز الحىّ من الميّت بالمعاني السّابقة (وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِ) تعلم هذه بالمقايسة (وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ) ذكر هذه بعد تعميم القدرة لاقتضاء مقام التّرغيب فيما عنده التّكرير والتّأكيد بأمثاله (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ) اى أولياء المودّة أو أولياء التصرّف (مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) قد مضى بيان معنى من دون في اوّل البقرة عند قوله (وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ) وانّ دون بمعنى الغير ولفظة من للتّبعيض والظّرف مستقرّ حال والمعنى حالكون الكافرين بعضا من غير المؤمنين والتّقييد به للاشعار بعلّة الحكم ولتحريك الغيرة في المؤمنين ، وقيل في مثله أشياء أخر (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ) اى اتّخاذ الكافرين أولياء (فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ) اى ليس في شيء من النّسب والولايات حالكونها ناشئة من الله أو ليس في شيء من المراتب والمعارج حالكونها بعضا من الله لانّ الله ذو المعارج (إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا) استثناء مفرّغ من قوله : (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ ،) أو من قوله : (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ) اى الّا لان تتّقوا ، أو في ان تتّقوا ، وفي الكلام التفات من الغيبة