الحقّة في أيدي المبطلين المتشبّهين بالمحقّين فانّ المبايعين لهؤلاء المبطلين كانت لهم محبّة صادقة وبعد انحرافهم الى المبطلين صارت محبّتهم محبّة شيطانيّة وكلّ هؤلاء الفرق محبّتهم للأرواح الخبيثة ولمظاهرها الانسيّة شديدة وليست محبّة الهيّة وهؤلاء ومن لم يكن لهم محبّة أصلا لا يصيرون محبوبين لله سواء اتّبعوا الرّسول (ص) ظاهرا أو لم يتّبعوا ، ومن كان له محبّة إلهيّة لكن لم يكن محبّته راسخة كأكثر افراد الإنسان الّذين لم يستهلك فطرتهم تحت البهيميّة والسبعيّة والشّيطنة فانّهم قد يتشأّنون بشأن المحبّة الإلهيّة ويتألّمون من بعدهم عن الحضرة الإلهيّة ويتحسّرون على تضييع أعمارهم في غير الطّلب لتلك الحضرة لم يفوزوا بالمحبوبيّة ما لم ـ يتمكّنوا في تلك المحبّة باتّباع رسول حقّ من الله ، نعم ان تمكّنوا فيها بسبب اتّباع رسول حقّ فازوا بالمحبوبيّة لله تعالى ومن كان متمكّنا في المحبّة الإلهيّة كالمجذوبين والمبتاعين بالبيعة الخاصّة مع من كان أهلا للبيعة لكن لم يكونوا ذوي عناية بالشّريعة واتّباع من كان أهلا لبيان احكام الكثرة لم يكن محبوبا لله تعالى وان لم يكن مبغوضا له أيضا ، ومن كان متمكّنا في المحبّة الإلهيّة ثابتا في اتّباع الشّريعة كان محبوبا لله تعالى مغبوطا لجملة المقرّبين وهذا تأديب من الله تعالى لا كثر السّلاك البائعين بالبيعة الخاصّة مع من كان أهلا للبيعة المغترّين بالآيات والاخبار المثيرة للغرور مثل آية (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) (الى آخر الآية) ومثل آية : (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) ومثل : حبّ علىّ حسنة لا يضرّ معها سيّئة ، ومثل ولىّ علىّ (ع) لا يأكل الّا الحلال ، ومثل : إذا عرفت فاعمل ما شئت من قليل الخير وكثيره ، ومثل : لا دين لمن دان الله بولاية امام جائز ليس من الله ، ولا عتب على من دان الله بولاية امام عادل ، ومثل قوله (ع): قال الله تعالى : لأعذّبنّ كلّ رعيّة في الإسلام دانت بولاية كلّ امام جائر ليس من الله وان كانت الرّعيّة في أعمالها برّة تقيّة ولأعفونّ عن كلّ رعيّة في الإسلام دانت بولاية كلّ امام عادل من الله وان كانت الرعيّة في أنفسها ظالمة مسيئة وغير ذلك من أمثال ما فيه شبهة غرور فانّ هؤلاء وان فرض انّهم لم يكونوا مبغوضين لكن اين هؤلاء من المحبوبين فالسّالك ينبغي له ان يكون تمام اهتمامه باتّباع الشّريعة المطهّرة بحيث لا يشذّ عنه أدب من آدابه المستحبّة ولا يقنع بعدم المبغوضيّة حتّى فاز بدرجات المحبوبيّة (وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ).
اعلم انّ اقتضاء المحبوبيّة ان لا يبقى في نظر المحبّ نقص وشين من المحبوب بل كلّ ما فعل الحبيب كان حبيبا عنده ولذلك كان تعالى يجزيهم بأحسن ما كانوا يعملون لانّ تمام افعال الحبيب وجميع أوصافه وأخلاقه تظهر في نظر المحبّ مثل أحسن أفعاله وأوصافه وهذا أحد وجوه تبديل السيّئات حسنات ، وهذا أحد معاني غفران الذّنوب فمن أراد ان يكون بجميع اعماله وأوصافه محبوبا لله فليتّبع الرّسول بشرائط المتابعة ومواثيق المبايعة بعد ما نكت في قلبه نقطة المحبّة وليحذر من مخالفة دقيقة من دقائق الشّريعة (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) جملة حاليّة مؤكّدة مشعرة بعلّة غفرانه لمحبوبه والمعنى انّه من شيمته المغفرة والرّحمة بالنّسبة الى كلّ أحد فكيف يكون مغفرته لمن يكون محبوبه (قُلْ أَطِيعُوا اللهَ) يعنى بعد ما قلت لهم انّ محبوبيّة الله في متابعتك بعد محبّة الله قل لهم أطيعوا الله (وَالرَّسُولَ) لم يكرّر أطيعوا اشعارا بانّ اطاعة الله تكليفا ليس الّا طاعة الرّسول لا انّ طاعة كلّ مستقلة مغايرة لطاعة الآخر (فَإِنْ تَوَلَّوْا) لفظ تولّوا هذا مشترك بين المضىّ والمضارعة (فَإِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ) بطاعة الله وطاعة الرّسول (ص) لانّ المراد به الكفر بالطّاعة هاهنا والمعنى انّه يبغضهم