أو مهذّبا مقوّما من الحريّة مقابل الرّقيّة أو بمعنى كون الشّيء مختارا أو من تحرير الكتاب بمعنى تقويمه وذكروا انّ المحرّر إذا حرّر جعل في الكنيسة يقوم عليها ويكنسها ويخدمها لا يبرح حتّى يبلغ الحلم ثمّ يخيّر فان احبّ ان يقيم فيه اقام وان احبّ ان يذهب ذهب حيث شاء (فَتَقَبَّلْ مِنِّي) نذري (إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ) لقولي ونذري (الْعَلِيمُ) بنيّتى وانّى لا أريد بنذرى سواء رضاك (فَلَمَّا وَضَعَتْها) وكانت ترجوا ان تضع وذكرا ورأتها أنثى خجلت واستحيت و (قالَتْ) منكسّة رأسها مظهرة لخجلتها (رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى) أو لمّا وضعتها أنثى وكانت ترجو انّ الولد ذكر وخابت عن متمنّاها قالت إظهارا لخيبتها ربّ انّى وضعتها أنثى أو لمّا وضعتها ورأت انّها أنثى وعلمت انّ الأنثى تكون ضعيفة في عقلها قالت تقدمة لسؤال استعاذتها ربّ انّى وضعتها أنثى والأنثى تكون ضعيفة فأعيذها بك من الشّيطان ، أو قالت ربّ انّي وضعتها أنثى تقدمة لعدولها عن نذرها يعنى انّ الأنثى لا تصلح لخدمة المعابد فلا اقدر على الوفاء بنذرى قيل : مات عمران حين حملها ووضعتها بعد وفات عمران (وَاللهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ) جملة معترضة من الله لتبجيل ما وضعت يعنى هو اعلم بشأن ما وضعت ومقامها العالي وتحسّرها على كونها أنثى كان لجهلها بمقامها وقرئ بضمّ التّاء على ان يكون من كلامها تسلية لنفسها وبكسر التّاء على ان يكون من كلامها خطابا لنفسها تسلية لها وعلى ان يكون من كلام الله تعالى خطابا لها وتسلية لها وقوله تعالى (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى) من كلامه تعالى تسلية لها يعنى ليس الذّكر المتمنّى مثل هذه الأنثى المولودة في الشّرف والمقام أو هو من كلامها تعليلا لتمنّيها وتحسّرها على الأنثى اى ليس جنس الذّكر مثل جنس الأنثى في الخسّة والممنوعيّة من الرّسالة والمعابد بواسطة الانوثة والحيض ، أو ليس الذّكر الموعود مثل هذه الأنثى في الخسّة والممنوعيّة وقيل فيه غير هذا (وَإِنِّي سَمَّيْتُها مَرْيَمَ) تفؤّلا فانّ مريم كانت بمعنى العابدة (وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ) نسب الى النّبىّ (ص) انّه ما من مولود الّا والشّيطان يمسّه حين ولد فيستهلّ صارخا من مسّ الشّيطان ايّاه الّا مريم وابنها (فَتَقَبَّلَها رَبُّها) مع أنوثتها من المنذور لخدمة بيت المقدّس ولم يقبل قبلها أنثى في ذلك أو المعنى تقبّلها وتكفّل أمرها بحيث ما عرتها علّة ساعة من ليل أو نهار أو تقبّلها بتكفيل نبيّه لها (بِقَبُولٍ حَسَنٍ) الباء فيه مثل الباء في قوله (فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ) فالباء فيه للمصاحبة أو للآلة وحسن قبولها أخذها مقام الذّكر وحفظها من الآفات وتسلّمها عقيب ولادتها قبل ان تكبر وتصلح للخدمة وتكفيلها زكريّا نسب الى الرّواية انّ حنّة لمّا ولدتها لفّتها في خرقة وحملتها الى المسجد ووضعتها عند الأحبار وقالت : دونكم هذه النذيرة فتنافسوا فيها لانّها كانت بنت امامهم وصاحب قربانهم فانّ بنى ماثان كانوا رؤس بنى إسرائيل وملوكهم فقال زكريّا : انا احقّ بها عندي خالتها فأبوا الّا القرعة وكانوا سبعة وعشرين فانطلقوا الى نهر فألقوا فيه أقلامهم فطفى قلم زكريّا ورسبت أقلامهم فتكفّلها (وَأَنْبَتَها) من حنّة أو أنماها في نفسها (نَباتاً) امّا مصدر من غير لفظ الفعل أو حال موطّئة للتّوصيف يعنى أنبتها حالكونها نباتا (حَسَناً) بان سوّى خلقها أو بان جعلها بحيث كانت تنمو في يوم ما ينمو غيرها في عام ، أو جعلها بحيث صامت نهارها وقامت ليلها وتبتّلت الى الله حين بلغت حتّى فاقت الأحبار (وَكَفَّلَها) الله (زَكَرِيَّا) كما سبق وقرئ بتخفيف الفاء وزكريّا كان من ولد سليمان وفيه ثلاث لغات المدّ والقصر وتشديد الياء بدون الالف ولمّا كفّل زكريّا مريم بنى لها بيتا واسترضع لها أو ضمّها الى خالتها امّ يحيى حتّى إذا شبّت وبلغت مبلغ النّساء بنى لها محرابا في المسجد