بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) بقبول النبوّة من الأنبياء والبيعة معهم بالبيعة العامّة النبويّة (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ) اذكر أو ذكّرهم ويجوز ان يكون إذ هذه عطفا على إذ في قوله (بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) والمعنى أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون منقادون وبعد إذ أخذ الله (مِيثاقَ النَّبِيِّينَ) ميثاق كلّ على يد النّبىّ السّابق أو وصيّه أو في عالم الذّرّ على ايمان كلّ بالآخر أو على ايمان الكلّ بمحمّد (ص) أو بعد إذ أخذ الله ميثاق أمم النّبيّين على أيدي أنبيائهم أو في عالم الّذرّ على ان يؤمن كلّ أمّة بالنّبىّ الّذى يأتى بعد نبيّهم أو بمحمّد (ص) ان أدركوا زمانه (ص) يعنى انّه أخذ ميثاق كلّ من الأنبياء على الايمان والنّصرة لمن يأتى بعده أو لمحمّد (ص) وكذلك أممهم فكيف يأمر الأنبياء بالاستقلال والرّبوبيّة والأمم باتّخاذهم أربابا وقد أشير الى كلّ من المعاني في الاخبار وقيل : (إِذْ أَخَذَ اللهُ) عطف على قوله (إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ) وهو في غاية البعد ولو قال هو عطف على قوله (إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسى) كان أقرب ، والميثاق العهد الّذى يثق المتعاهد به شبه العهد بالرّهن ثمّ استعمل الأخذ استعارة تخييليّة وترشيحا للاستعارة (لَما آتَيْتُكُمْ) كان حقّه ان يقول : لما آتاهم لكنّه أتى بالتكلّم والخطاب حكاية لحال الخطاب (مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ) قرئ بكسر اللّام صلة للاخذ وما مصدريّة أو موصولة وإذا كانت موصولة فالعائد محذوف من الصّلة والعائد في الجملة المعطوفة تكرار الموصول اعنى لما معكم ، ولفظة من تبعيضيّة على تقدير كون ما مصدريّة ، وبيانيّة على تقدير كونها موصولة ، وقرئ بفتح اللّام فاللّام تكون موطّئة وما شرطيّة أو موصولة ، وإذا كانت موصولة فالعائد مثل السّابق ، والمراد بالكتاب أحكام الرّسالة والكتاب التّدوينىّ صورتها وبالحكمة آثار الولاية (ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ) من الكتاب والأحكام القالبيّة والحكمة الّتى هي العقائد الحقّة الدّقيقة الّتى لا تدرك الّا بالمشاهدة بعين البصيرة (لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ) اللّام للقسم والجملة منقطعة عن سابقها على قراءة كسر لام لما آتيتكم وتكون بمنزلة جواب القسم لقوله : (إِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ) فانّه بمنزلة القسم وهي خبر لما على قراءة فتح اللّام وكون ما موصولة وجواب للقسم والشّرط على تقدير كون ما شرطيّة ، والضّمير المجرور راجع الى ما فيما آتيتكم ، أو الى محمّد (ص) أو الى نبىّ يأتى بعد النّبىّ الاوّل يعنى أخذ الله ميثاق كلّ نبىّ لمن يأتى بعده أو الى نبىّ كلّ أمّة على ان يكون التّقدير أخذ الله ميثاق أمم النّبيّين من كلّ أمّة لنبيّها وقد نسب الى أمير المؤمنين (ع) انّ الله أخذ الميثاق على الأنبياء (ع) قبل نبيّنا (ص) ان يخبروا أممهم بمبعثه ونعته ويبشّروهم به ويأمروهم بتصديقه ونقل : انّ الله أخذ الميثاق على الأنبياء على الاوّل والآخر فأخذ الله ميثاق الاوّل لتؤمننّ بما جاء به الآخر ، وعن الصّادق (ع) انّه قال تقديره : إذ أخذ الله ميثاق أمم النّبيّين كلّ أمّة بتصديق نبيّها والعمل بما جاءهم به وانّهم خالفوهم ممّا بعد وما وفوا به وتركوا كثيرا من شريعته وحرّفوا كثيرا منها (وَلَتَنْصُرُنَّهُ) الضّمير المفعول راجع الى مرجع الضّمير المجرور السّابق ، أو الى أمير المؤمنين (ع) على ما روى عنهم فانّه نسب الى الصّادق (ع) انّه قال : ما بعث الله نبيّا من لدن آدم فهلمّ جرّا الّا ويرجع الى الدّنيا وينصر أمير المؤمنين (ع) وهو قوله (لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ) يعنى أمير المؤمنين (ع) ، وعن الباقر (ع) عن أمير المؤمنين (ع) في حديث طويل يبيّن كيفيّة خلقهم انّه قال : وأخذ ميثاق الأنبياء بالايمان والنّصرة لنا وذلك قوله عزوجل : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ) يعنى لتؤمننّ