لا حول ولا قوّة الّا بالله ، ثمّ معنى لا اله الّا الله ، وهنا لك يخرج من الشّرك ويصير موحّدا فالإنسان ما دام في دار الكفر والشّرك لا يخرج من الإشراك بالله في الوجود ولا في الطّاعة لانّه ان لم يطع إنسانا يطع هواه وشيطانا فان كان ما أشرك به لله انزل الله تعالى حجّة وبرهانا في صحّة اشراكه كان المشرك موحّدا من طريق الإشراك وكان اشراكه مأذونا فيه ومأجورا فيه ، وان لم ينزّل في اشراكه برهانا وسلطانا كان اشراكه كفرا ومنهيّا عنه ومورثا لعقوبة الآخرة فقوله تعالى : (بِما أَشْرَكُوا بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً) يفيد بمفهوم مخالفته انّه ان أشرك بالله من نزّل الله به سلطانا لم يكن مذموما وقد فسّر الإشراك في الاخبار بالاشراك بالولاية وبالاشراك بعلىّ (ع) وذلك لظهور الآلهة بالولاية وظهور الله بعلىّ (ع) (وَمَأْواهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ) النّار وفي وضع الظّاهر موضع المضمر إظهار لذمّ آخر واشعار بعلّة الحكم (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ) ايّاكم بقوله (بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ) أو بقوله (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ) أو بقوله (بَلِ اللهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ) تعريضا أو بقوله (سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ) أو بقوله نبيّه (ص) لأصحاب عبد الله بن جبير لا تبرحوا من هذا المكان فانّا لانزال غالبين ما ثبتّم مكانكم ولقد تحقّق صدق وعده حين كنتم غالبين ما كنتم غير مخالفين لأمر الرّسول بثبات أصحاب عبد الله بن جبير في مراكزهم (إِذْ تَحُسُّونَهُمْ) تقتلونهم من الحسّ بمعنى القتل أو الحيلة أو الاستيصال (بِإِذْنِهِ) بترخيصه وإباحته تكوينا وتكليفا على لسان نبيّه (ص) (حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ) ضعفتم عن القتال والثّبات في مراكزكم (وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ) بان قال بعضكم : غنم أصحابنا ، وقال بعضكم : لا نبرح من أمكنتنا فانّ الرّسول (ص) قدّم إلينا ان لا نبرح (وَعَصَيْتُمْ) امر الرّسول (ص) بان لا تبرحوا عن أمكنتكم سواء انهزم المسلمون أو هزموا (مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ) الله (ما تُحِبُّونَ) من الظّفر والغنيمة وجواب إذا محذوف وهو امتحنكم أو منعكم إنجاز وعده لمنعكم شرط وعده وهو الصّبر والتّقوى والثّبات في المراكز (مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا) جواب لسؤال مقدّر كأنّه قيل لما يقع النّزاع منّا؟ ـ فقال : لانّ منكم من يريد الدّنيا وهم الّذين تركوا مراكزهم من أصحاب عبد الله بن جبير للحرص على الغنيمة وارادة عرض الدّنيا (وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) وهم الّذين ثبتوا حتّى قتلوا (ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ) اى عن مقاتلتهم بالجبن والفرار حتّى غلبوكم (لِيَبْتَلِيَكُمْ) يمتحنكم بالبلايا فيخلصكم من الهوى وارادة الدّنيا (وَلَقَدْ عَفا عَنْكُمْ) بعد ما ندمتم على مخالفتكم تفضّلا منه عليكم فأدالكم عليهم ثانيا بحيث غلبتموهم وارعبتموهم حتّى لم يمكثوا الى مكّة وكانوا مسرعين خائفين (وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) فلا ينظر الى أعمالهم واستحقاقهم بل يريد استكمالهم في الأحوال كلّها سواء ابتلاهم أو أنعم عليهم (إِذْ تُصْعِدُونَ) على الجبل في فراركم أو في وجه الأرض فانّ الإصعاد الذّهاب في الصعيد وهو وجه الأرض والصعود بمعنى الارتقاء والظّرف متعلّق بصرفكم أو بيبتليكم أو مفعول لذكرهم مقدّرا منقطعا عمّا قبله (وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ) لا تنظرون على أعقابكم في فراركم لشدّة خوفكم (وَالرَّسُولُ) والحال انّ الرّسول (يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ) في جماعتكم المتأخّرة اى في أعقابكم كان يقول : الىّ عباد الله الىّ عباد الله انا رسول الله (فَأَثابَكُمْ) اى جازاكم الرّسول