أو الله (غَمًّا) هو القتل موصولا (بِغَمٍ) هو المغلوبيّة والفرار أو غمّا هو الفرار والقتل موصولا بغمّ هو الإرجاف بقتل الرّسول (ص) أو غموما متتالية هي القتل والهزيمة والإرجاف والجرح فانّ هذه الكلمة قد تستعمل في الكثرة المتتالية ، أو اثابكم غمّا هو الهزيمة والإرجاف والقتل بدل غمّ أو بسبب غمّ أصاب الرّسول (ص) حين خلافكم قوله (ص) وعدم ثباتكم في مراكزكم (لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ) بعد ذلك يعنى انّ اثابة الغمّ على ترك امر الرّسول (ص) واذاقة مرارة الهزيمة والقتل ليكون ذلك في ذكركم فلا تخالفوا بعد ذلك امر الرّسول (ص) لعرض الدّنيا ولا تحزنوا على ما تصوّرتم فواته من الغنيمة (وَلا) على (ما أَصابَكُمْ) من الشّدائد في سبيل الله فانّ البليّة إذا كانت في طاعة الله وطاعة رسوله لم تؤثّر أثرا بل تلذّ لبعض ، أو المعنى اثابكم غمّا بغمّ ليستكملكم بذلك فلا تحزنوا بعد الاستكمال على ما فاتكم ، أو المعنى ليشغلكم حزنكم على مخالفة امر النّبىّ (ص) عن الحزن على ما فاتكم (وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) فيجازيكم على أعمالكم على حسب مصالحكم ، وفيه ترغيب في الطّاعة وترهيب عن المعصية (ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً) لتعلموا ان ليس الابتلاء والامنة الخارجان عن طريق المعتاد الّا عن الله وتكلوا أموركم الى الله ، وامنة مفعول انزل ونعاسا بدل منه بدل الاشتمال ، أو امنة حال من نعاسا أو من المخاطبين بان تكون جمع آمن أو بتقدير آمنين ، ونعاسا مفعول. نقل عن بعض الغازين في أحد انّه قال غشينا النّعاس في المصافّ حتّى كان السّيف يسقط من يد أحدنا فيأخذه ثمّ يسقط فيأخذه (يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ) وهم المؤمنون الخالصون (وَطائِفَةٌ) اخرى ولتقدير الصّفة جاز الابتداء به وهذه الطّائفة هم المنافقون (قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ) أوقعتهم أنفسهم في الهموم أو جعلتهم ذوي اهتمام بأنفسهم من غير التفات الى الدّين أو الرّسول (ص) والمسلمين والجملة خبر عن طائفة أو صفة لها (يَظُنُّونَ بِاللهِ) خبر بعد خبر أو صفة بعد صفة أو خبر ابتداء أو حال أو مستأنف جواب لسؤال مقدّر (غَيْرَ الْحَقِ) غير الظّنّ الحقّ على ان يكون مفعولا مطلقا أو غير المظنون الحقّ على ان يكون قائما مقام المفعولين (ظَنَ) الملّة (الْجاهِلِيَّةِ) بدل من غير الحقّ أو مفعول مطلق (يَقُولُونَ) عند أنفسهم أو لاقرانهم والجملة بدل عن يظنّون أو هي مثل الجملة السّابقة في الوجوه المحتملة (هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ) اى من امر الدّين أو من امر الوعد بالنّصر والظّفر أو من امر أنفسنا وتدبير خلاصنا من هذه البليّة ، أو هل لنا نجاة فنكون مسلّطين على امر أنفسنا (مِنْ شَيْءٍ) يعنى يظهرون اضطرابهم وعدم اعتقادهم بنبوّة محمّد (ص) على أنفسهم بكلامهم النّفسانىّ أو على غيرهم بكلامهم اللّسانىّ (قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ) اى امر الغلبة والنّصر أو امر التّدبير أو عالم الأمر والقضاء والجملة معترضة ان كان قوله تعالى (يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ) حالا أو صفة أو خبرا وامّا إذا كان مستأنفا جوابا لسؤال مقدّر فيكون قوله (قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ) منقطعا مستأنفا والمعنى يخفى هؤلاء الطّائفة المنافقة في أنفسهم من الإنكار والتّكذيب وارادة اللّحوق بالكفّار (ما لا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ) الجملة كالجمل السّابقة في وجوه الاعراب (لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) بأحد المعاني المذكورة ، أو لو كنّا بالمدينة باختيارنا ولم نبرح من المدينة كما كان رأى ابن ابىّ وغيره (ما قُتِلْنا) ما غلبنا وما قتل المقتولون منّا (هاهُنا قُلْ) ردّا لهذا الزّعم الفاسد والخيال الكاسد (لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ) متحصّنين