عند قوله تعالى (وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما) في سورة البقرة. إذا تنبّهت بذلك فاعلم انّ السّورة المباركة اشارة اجمالا الى الاسفار الاربعة المذكورة فانّ الاستعاذة اشارة الى السّفر من الخلق الى الحقّ لانّ هذا السّفر فرار من الكثرات ومظاهر الشّيطان الى عالم التّوحيد ومظاهر الحقّ تعالى ، والاستعاذة القّولية اخبار بهذا الالتجاء والاستعاذة الفعليّة نفس ذلك الالتجاء والفرار ، والتسميّة الى قوله (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) اشارة الى السّفر من الحقّ الى الحقّ فانّ التسميّة اخبار بالاتّصاف بصفاته تعالى وما بعده الى مالك يوم الدّين أعلام بحركة السّالك في صفات الحقّ تعالى الى ظهور مالكيّته وفناء العبد من ذاته وهذا السّفر حركة في صفات الحقّ تعالى الى فناء العبد ، وقوله (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) اشارة الى السّفر بالحقّ في الحقّ لانّ مالكيّته تعالى لا يظهر الّا إذا صار العبد فانيا من فعله ووصفه وذاته وبفناء ذاته يتمّ عبوديّته وبعد كمال عبوديّته لا يكون سيره الّا في الحقّ المطلق ولا يكون الّا بالحقّ لعدم ذات له ، وقوله تعالى (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) اشارة الى السّفر بالحقّ في الخلق وهذا هو الرّجعة الاختياريّة في العالم الصّغير والبقاء بعد الفناء والصّحو بعد المحو ، وينبغي ان يكون هذا السّفر بحفظ الوحدة في الكثرات والصّراط المستقيم في هذا السّفر هو محفوظيّة الوحدة في الكثرة بحيث لا يغلب إحديهما على الاخرى ولا يختفى إحديهما تحت الاخرى وهذه الأحوال قد تطرؤ على السّلاك سواء استشعروا بها أو لم يستشعروا.
اذاقنا الله وجميع المؤمنين منها ومكّننا فيها والحمد لله اوّلا وآخرا ولا حول ولا قوّة الّا بالله العلىّ العظيم.