ويبعثه الرّسل فيكم وأخذهم عهدي العامّ عليكم بالبيعة معكم البيعة العامّة النّبوّية وبابقاء شرائع الرّسل بخلفائهم وأخذهم عهدي الخاصّ عليكم بالبيعة الخاصّة الولويّة وخصوصا بعثة خاتم الأنبياء (ص) وخليفته خاتم الخلفاء (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي) الّذى أخذه نبيّكم أو خليفته عليكم في البيعة العامّة وقبول الدّعوة الظّاهرة أو البيعة الخاصّة وقبول الدّعوة الباطنة (أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) الّذى علىّ الوفاء به من ادخالكم الجنّة بإزاء قبول الدّعوة في البيعة وفتح البركات السّماويّة والارضيّة بإزاء اتّباعكم شروط العهد واتّقائكم عن مخالفتها واقامتكم لأوامر العهد الّتى هي أوامر الشّرع وقد سبق أنّه كلّما ذكر عهد أو عقد في الكتاب فالمراد به هو الّذى في ضمن البيعة العامّة أو الخاصّة والتّفسير بما أخذ عليهم في الذّرّ صحيح كما في بعض الاخبار فانّه اشارة الى العهد التّكوينىّ والولاية الفطريّة لكنّه إذا لم يقترن بالعهد التّكليفىّ والبيعة الاختياريّة لم يصحّ الأمر بالوفاء به ولا المدح على الوفاء به ولا الذّمّ على تركه ونقضه لنسيان المعاهد العهد الّذى كان في الذّرّ (وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) الفاء امّا زائدة أو اصليّة وعلى اىّ تقدير فايّاى منصوب بمحذوف يفسّره المذكور سواء عدّ من باب الاشتغال أم لا وهو تأكيد وتخصيص للرّهبة به تعالى بصورة التّقديم وتنبيه على انّه لا ينبغي ان يخاف من أحد الّا الله تعالى فانّ الإخلاص لا يتمّ الّا بحصر الطّاعة والرّغبة والخوف والرّهبة فيه وهذه الآية تعريض بأمّة محمّد (ص) وبالعهد الّذى أخذه محمّد بالبيعة العامّة بقبول احكام النّبوّة وبالعهد الّذى أخذه محمّد (ص) في غدير خمّ لعلىّ (ع) بالخلافة بالبيعة العامّة على يد علىّ (ع) وما ورد في الاخبار من التّفسير بالعهد الّذى أخذه انبياؤهم على أسلافهم بالإقرار بنبوّة محمّد (ص) وولاية علىّ (ع) تفسير بما كان مقصودا من عهدهم سواء ذكر في بيعتهم أم لا ، ولمّا كان الأمر بالوفاء بالعهد هاهنا مقدّمة للأمر بالايمان بمحمّد (ص) وعلىّ (ع) فتفسير العهد بما هو المقصود منه من الإقرار بمحمّد (ص) وعلىّ (ع) كما فسّر في الاخبار كان اولى (وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ) الّذى هو النّتيجة ، والمقصود ما أنزل على محمّد (ص) من الكتاب والشّريعة النّاسخة لكلّ كتاب وشريعة والايمان به مستلزم للايمان بنبوّة محمّد (ص) وولاية علىّ (ع) أو المراد ممّا أنزل ابتداء نبوّة محمّد (ص) وولاية علىّ (ع) (مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ) حال في محلّ التّعليل للأمر بالايمان به فانّ تصديقه لما معهم مصدّق للايمان به والمراد ممّا معهم التّوراة والإنجيل والأحكام الفرعيّة الشّرعيّة والعقائد الاصليّة الدّينيّة ومنها نبوّة محمّد (ص) وخلافة وصيّه والمقصود اوّلا وبالذّات ممّا معهم نبوّة محمّد (ص) وخلافة علىّ (ع) فانّهما ثابتتان في كتبهم وفي صدورهم بحيث لا تنفكّان عن خاطرهم (وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ) تنزّل في الكلام على طريقة المناصحين اى يجب عليكم الايمان به لكونه مصدّقا لما معكم فان لم تؤمنوا به فاصبروا ولا تكونوا اوّل كافر به فانّه أقبح لكم من كلّ قبيح لانّكم عالمون بصدقه من قبل ومحجوجون بأنّ برهان صدقه وهو تصديق ما عندكم معه والمراد أوّل كافر به حين ظهور دعوته أو بالاضافة الى أصحاب الملل فلا يرد انّ هذا الكلام صدر منه مع يهود المدينة وقد كفر قبلهم كثير من مشركي مكّة ، واوّل كافر خبر لا تكونوا وحمل المفرد على الجمع بتقدير فريق أو صنف ، أو لا يكن كلّ واحد منكم اوّل كافر به ، روى انّ يهود المدينة جحدوا نبوّة محمّد (ص) وخانوه وقالوا : نحن نعلم أنّ محمّدا (ص) نبىّ وانّ عليّا (ع) وصيّه ولكن لست أنت ذلك ولا هذا هو ولكن يأتيان بعد وقتنا هذا بخمسمائة سنين.