وأما كلام الجمادات : فمن ذلك ما روى عن أنس بن مالك (١) ـ رضى الله عنه ـ أنه قال : كنا عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأخذ كفّا من حصى فسبّحن فى يده حتى سمعنا التسبيح. ثم صبّهن فى يد أبى بكر ، ثم فى يد عمر ، ثم فى يد عثمان ، ثم فى أيدينا واحدا بعد واحد ، فلم تسبح (٢).
ومن ذلك ما روى جعفر (٣) بن محمد عن أبيه قال : «مرض رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فأتاه جبريل بطبق فيه رمان ، وعنب ؛ فأكل النبي ـ صلىاللهعليهوسلم منه فسبح العنب ، والرمان» (٤).
ومن ذلك ما روى عنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ «أنه قال للعباس (٥) يا أبا الفضل الزم منزلك غدا انت وبنوك إنّ لى فيكم حاجة ؛ فصحبهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ وقال تقاربوا فزحف بعضهم إلى بعض فاشتمل عليهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم بملاءة وقال هذا عمىّ وصنو
__________________
(١) أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم النجارى الخزرجى الأنصارى أبو حمزة. صاحب رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وخادمه روى عنه رجال الحديث ٢٢٨٦ حديثا. ولد بيثرب (المدينة المنورة) قبل الهجرة بعشر سنين ، وأسلم صغيرا ، وخدم النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إلى أن قبض ، ثم رحل إلى دمشق ، ومنها إلى البصرة ؛ فمات فيها وعمره أكثر من مائة عام وهو آخر من مات بالبصرة من الصحابة سنة ٩٣ ه.
[طبقات ابن سعد : ٧ : ١٠ ، وصفة الصفوة لابن الجوزى ١ / ٢٧٠ ـ ٢٧٢ الأعلام للزركلى ٢ / ٢٤ ، ٢٥].
(٢) أورده النبهانى فى كتابه : حجة الله على العالمين فى معجزات سيد المرسلين ـ باب تسبيح الحصى والطعام ص ٤٤٧ عن أنس ـ رضى الله عنه ـ ثم ذكره وعزاه إلى ابن عساكر. وأخرجه البيهقى فى دلائل النبوة ـ باب ما جاء فى تسبيح الحصيات فى كف النبي صلىاللهعليهوسلم. ثم فى كف بعض أصحابه ٦ / ٦٤ عن أبى ذرّ ـ رضى الله عنه بلفظ قريب جدا من هذه الرواية. وأورد الهيثمى فى مجمع الزوائد كتاب علامات النبوة ٨ / ٢٩٨ ، ٢٩٩ عن أبى ذر وعزاه إلى الطبرانى فى الأوسط. والقاضى عياض فى كتابه : الشفاء ـ باب ومثل هذا فى سائر الجمادات ص ٢٠١ ، ٢٠٢. ولمزيد من البحث والدراسة (انظر دلائل النبوة للبيهقى ٦ / ٦٤ باب ما جاء فى تسبيح الحصيات فى كف النبي صلىاللهعليهوسلم)
(٣) جعفر بن محمد الباقر بن على زين العابدين بن الحسين بن على ـ رضى الله عنهم ـ الملقب بالصادق. سادس الأئمة الاثنى عشر عند الإمامية. كان من علماء التابعين وله منزلة رفيعة في العلم. أخذ عنه جماعة : منهم الإمامان أبو حنيفة ومالك. ولقب بالصادق : لأنه لم يعرف عند الكذب قط. له أخبار مع الخلفاء من بنى العباس ، وكان جريئا عليهم صداعا بالحق لا يخشى فى الحق لومة لائم. ولد بالمدينة سنة ٨٠ ه وتوفى بها سنة ١٤٨ ه [وفيات الأعيان لابن خلكان ١ / ١٠٥ وصفة الصفوة لابن الجوزى ١ / ٣٧٥ ـ ٣٧٨ الأعلام للزركلى ٢ / ١٢٦].
(٤) أورده النبهانى فى كتابه : حجة الله على العالمين فى معجزات سيد المرسلين ـ باب تسبيح الحصى والطعام ص ٤٤٧ عن جعفر بن محمد عن أبيه. وعزاه إلى القاضى عياض فى كتابه الشفاء. وأخرجه القاضى عياض فى كتابه : الشفاء ـ باب ومثل هذا فى سائر الجمادات ص ٢٠٢ عن جعفر بن محمد عن أبيه. (طبعة سنة ١٣٦٩ ه / سنة ١٩٥٠ م).
(٥) العباس بن عبد المطلب رضى الله عنه : من أكابر قريش فى الجاهلية والاسلام عم رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ، وجد الخلفاء العباسيين قال فيه رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ هذا بقية آبائى ـ كانت له سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام. هاجر إلى المدينة وشهد فتح مكة كما شهد وقعة (حنين) وثبت فيها حين انهزم الناس له فى كتب الحديث خمسة وثلاثون حديثا. ولد بمكة قبل الهجرة بإحدى وخمسين سنة وعمر طويلا وتوفى سنة ٣٢ ه (صفة الصفوة لابن الجوزى ١ / ١٩٠ ـ ١٩٢ والأعلام للزركلى ٣ / ٢٦٢)