وقوله تعالى : ـ (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) (١) الآية. وقوله تعالى : ـ (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) (٢) إلى غير ذلك من الآيات.
وأما من جهة السنة : فلقوله عليهالسلام : من غصب شبرا من أرض طوّقه من سبع أرضين يوم القيامة (٣).
وقوله عليهالسلام «من كان ذا لسانين ، وذا وجهين كان فى النّار ذا لسانين وذا وجهين (٤)» إلى غير ذلك من الأخبار ،
وإذا تعارضت النصوص ، سلم لنا ما ذكرناه من المعقول.
وأما الردّ على المنكرين لجواز الغفران عقلا : فمن جهة السمع ، والعقل :
أما من جهة العقل : فهو أن العفو والصفح عن مستحق العقوبة محمود بين / العقلاء ، ومعدود من المكارم ، والمعالى ، وصفات الكمال ، والمدح ، ولذلك ندب الشارع إليه بقوله تعالى : ـ (وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٥) وقوله تعالى : ـ (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) (٦) ، وإذا كان ذلك من مستحسنات العقول ، والشّرع ممن ينتفع ، ويتضرّر ويحصل له التشفي ، والانتقام ، ودفع أضرار الغيظ بالعقوبة ، واستيفائها ، فاستحباب ذلك من الله ـ تعالى ـ مع تعاليه عن الضّرر ، والانتفاع ، والتّشفى ، والانتقام أولى ، وما هذا شأنه فكيف يكون ممتعا؟
وأما من جهة السمع : فلقوله تعالى : ـ (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) (٧) وهو صريح فى المطلوب.
__________________
(١) سورة المطففين ٨٣ / ١.
(٢) سورة النساء ٤ / ١٠.
(٣) رواه مسلم فى صحيحه ١١ / ٤٨ وما بعدها ـ كتاب المساقاة ـ باب تحريم الظلم ، وغصب الأرض ، وغيرها.
بروايات متعددة منها : عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل رضى الله عنه : أن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال : «من اقتطع شبرا من الأرض ظلما طوّقه الله إيّاه يوم القيامة من سبع أرضين».
(٤) ورد فى كتاب الترغيب والترهيب للمنذرى ٣ / ٦٠٤ باب ترهيب ذى الوجهين ، وذى اللسانين.
(٥) سورة التغابن ٦٤ / ١٤.
(٦) سورة البقرة ٢ / ٢٣٧.
(٧) سورة النساء ٤ / ٤٨.