وبدأ عباد النار يستبدون بالرعايا الروم المسيحيين للقضاء عليهم ، وبدءوا يسخرون علانية من الشعائر الدينية المقدسة ، فدمروا الكنائس ، وقتلوا ما يزيد عن ١٠٠٠٠٠ مائة ألف من المسيحيين المسالمين ، وأقاموا بيوت عبادة النار في كل مكان ، وأرغموا الناس على عبادة الشمس والنار ، واغتصبوا الصليب المقدس ، وأرسلوه إلى «المدائن».
وانقلب كسرى من ثائر لأجل صديقه الحميم موريس ، إلى حاقد ، وفاتح ، لم يعد لأطماعه في دولة الروم حدود ... في استعلاء وكبرياء ، يظهران من الرسالة التي وجهها إلى هرقل من بيت المقدس ، قائلا فيها :
«من لدن الإله كسرى ، الذي هو أكبر الآلهة ، وملك الأرض كلها ، إلى عبده اللئيم الغافل هرقل ، إنك تقول : إنك تثق في إلهك ، فلما ذا لا ينقذك إلهك المقدس من يدي ...؟.
واستبد اليأس والقنوط بهرقل ، وحاول الفرار والهرب إلى قصره الواقع في قرطاجة ، لينجو بنفسه ، بعد أن يئس من إمكانية الدفاع عن الإمبراطورية الرومانية ، التي أصبحت مهددة بالسقوط بين الساعة والأخرى.
وخرج يريد الركوب في إحدى السفن الملكية التي أعدت لهربه.
إلا أنه في هذه اللحظة ، تمكن كبير أساقفة الروم من إقناع هرقل بالبقاء مع شعبه ، وأرسل هرقل سفيرا إلى كسرى يطلب منه الصلح.
إلا أن كسرى رفض وصاح بغضب شديد : «لا أريد هذا القاصد ، وإنما أريد هرقل مكبلا بالأغلال تحت عرشي ، ولن أصالح الرومي حتى يهجر إلهه الصليبي ، ويعبد الشمس إلهتنا».
إنها ذروة اليأس التي وصل إليها هرقل ، ووصل إليها الروم ، وذروة الاستعلاء التي وصل إليها الفرس.
وإنها لحالة أشبه ما تكون بحالة المؤمنين في مكة مع أعدائهم من المشركين