إذن فهو من أخبار الآحاد ، الموافقة لظاهر التنزيل ، إلا أنها كما قال القرطبي لا يلزم أن يستوي الناس فيها ، لأنها كانت آية ليل.
قال الإمام الغزالي : «ولذلك أنكره الإمام الحليمي» (١).
وما قاله الإمام الحليمي من إنكار انشقاق القمر ، لم يكن متفردا به ، وإنما سبقه إليه من التابعين الحسن البصري ، وعطاء ، ونقله الإمام القرطبي عن قوم لم يذكر أعيانهم ، وممن اختاره من المتأخرين الإمام فخر الدين الرازي في تفسيره الكبير.
وحجة الحسن ـ كما قال الإمام الماوردي (٢) ـ : أنه لو انشق ما بقي أحد إلا رآه ، لأنها آية ، والناس في الآيات سواء.
وهذه حجة من قال بقوله ممن ذكرنا.
وحملوا قوله تعالى : (وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) على معنى أنه سينشق.
قال الحسن : «اقتربت الساعة ، فإذا جاءت انشق القمر» (٣).
وهذا جار على أساليب العرب والقرآن ، كما في قوله تعالى : (أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ).
فقد اتفق المفسرون على أنه بمعنى سيأتي ، ففي هذه الآية استعمل الماضي بمعنى المضارع ، ايغالا في التأكيد.
وعلى هذا حملوا قوله تعالى : (وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) أي أنه سينشق ، وهذا الانشقاق متأكد ، كأنه قد وقع وحدث ، ولذلك عبّر عنه بصيغة الماضي.
وهؤلاء وإن كانوا متأولين للآية تأويلا صحيحا من حيث اللغة ، إلا أنهم متعارضون مع ما صح بالاتفاق من الحديث ، ولا حجة لهم في رده من حيث
__________________
(١) المنخول : ص ٢٤٨.
(٢) تفسير الماوردي : ٤ / ١٣٥.
(٣) القرطبي ١٧ / ١٢٦.