إلا أن هناك شيئا نقوله اليوم بما يتراءى لنا من خلال كلمات الآية ، وضميمة آيات أخرى إليها ، وبواسطة معارفنا الحديثة التي لم يكن الإنسان القديم على أية معرفة بها ، ولذلك لم يكن في مقدوره أبدا أن يفكر بها ، أو أن يتخيلها.
وليس معنى هذا أن تفسيره كان ناقصا ، لا ، لقد كان تفسيره كاملا ، متناسبا مع معارف العصر ، ومؤديا للغرض الذي سيقت له الآية ، إلا أننا في هذا العصر اكتشفنا شيئا جديدا ، يمكن أن يفيدنا شيئا جديدا في الآية ، ألا وهو أنه يستحيل أن تكون كلماتها قد صيغت من قبل البشر ، لأن معارفهم لم تكن أبدا بقادرة على الإتيان بمثلها ، لما فيها من المعارف التي لم تكن معروفة لهم أبدا ، ولم تطلع عليها الإنسانية إلا في العصر الحديث ، بتقدم العلوم ، واكتشاف قوانين الكون ، ووضع اليد على بعض أسرار الوجود.
وذلك أن السحاب مكهرب ، أي أن كل سحابة تحمل شحنة كهربية ، كما أثبت ذلك فرنكلين لأول مرة عام ١٧٥٢.
ومن المعروف الثابت علميا أنه إذا وجد سحابتان سالبتان فإنهما تتنافران ، كما هي طبيعة المتماثلين من الشحنة السالبة والموجبة ، فالسالبان يتنافران ، والموجبان يتنافران ، وإنما يكون التآلف بين السالب والموجب.
وبناء على هذا القانون ، كان من المفترض أن لا تتحد سحابتان في الجو ، إذا كانتا مشحونتين بشحنة واحدة ، ويترتب على هذا أن لا يتراكب السحاب ، مما يؤدي إلى قلة الأمطار ، ولكن الله بقدرته يسوق السحاب ، بواسطة الرياح ، ويؤلف بينه ، ولو كان ذا شحنة واحدة متشابهة ، وعندئذ تكبر السحابة ، وتتراكم بعضها فوق بعض حتى تصير كالجبال الشامخة.
فهذا سر جديد قد كشفه العلم الحديث في قوله تعالى : (ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ) أي رغم اتحاد الشحنة ، لم يكن أبدا لأي إنسان أن يعرفه في العصر القديم ، لجهله بهذه المعاني ، وإن لم يؤثر على الغرض الذي سيقت له الآية في ذلك العصر