كما ذكرنا ، وهذا يدلنا دلالة قاطعة على أنه يستحيل أن يكون هذا القرآن من عند البشر.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد ، وذلك لأن السحاب في هذه الحالة لا يمكن أن ينزل المطر ، إذ لا بد له حتى يمطر من شيء يتفاعل معه ليتكثف ويتقاطر على الأرض ، ويكون هذا بواسطة الرياح الصاعدة من الأرض ، والمحملة بشحنة كهربائية موجبة.
فإذا ما اتحدت هذه الشحنة الكهربية الموجبة التي حملتها الرياح ، مع الشحنة الكهربية الموجودة في الفضاء يتكون مجال كهربائي يكون السبب في تحويل البخار إلى قطرات دقيقة من الماء ، ومن ثم تتجمع وتكبر شيئا فشيئا إلى أن تثقل وتنزل مطرا على الأرض.
إذن فالسحاب وحده لا ينزل المطر ، ولا بد له من تلقيح ، وهذا التلقيح إنما يكون بواسطة الكهرباء الجوية التي تسببها الرياح.
أليس في هذا الكلام العلمي الحديث معنى جديد لقوله تعالى : (وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ ، فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَسْقَيْناكُمُوهُ وَما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ).
بلى ... إنه المعنى العلمي الجديد الذي يفهمه العقل العلمي المعاصر ، والذي كان من المستحيل على الإنسان القديم أن يقوله ، إن لم يكن مؤيدا بالوحي الإلهي ، وإنه من أكبر الأدلة القاطعة على أن هذا القرآن كلام الله ووحيه.
على أن هذه المعرفة الجديدة لم تنقض المعرفة السابقة ، ولم تبطلها ، فقد عرف كل من قرأ هذه الآية قديما أن الهواء هو السر في جمع السحاب ، وإنزال المطر ، وأنه هو الذي يلقح السحاب ، ولكنه أبدا لم يكن على معرفة بحقيقة هذا السر وكيفية حدوثه ، إلى أن جاء العلم الحديث فأماط اللثام عنه ، وكشف حقيقته ، ليكشف للإنسان في العصر الحاضر أنه لا يمكن أن يكون هذا القول إلا من قبل خالق الكون ، والسحاب ، والرياح ، إنه قول الله.
وما أكثر ما كشفه لنا العلم ، وما سيكشفه لنا في المستقبل القريب.