فما هي حقيقة الجبال؟ وما الذي كشفته هذه الآية من وجوه الإعجاز؟.
سؤال يجيب عنه العلم الحديث والمكتشفات الجديدة ... وذلك أن طبقة السيال ، أو طبقة القشرة الأرضية التي نعيش عليها ، هي التي تشكل القارات ، وتحتضن المحيطات ، وترتفع جبالا في مكان ، وتنخفض وديانا في مكان آخر ، وتشكل السهول الخضراء ، والصحارى المقفرة.
وتلي هذه الطبقة مباشرة ضمن ترتيب طبقات الأرض تليها طبقة السيما.
وطبقة السيما هذه أصلب من طبقة السيال ، ولكنها تحت ثقل طبقة السيال الهائل يصبح لها قوام عجيني ، ما دام الثقل فوقها ، وهذا القوام العجيني يسهل انزلاق القارات عليها ، كما عرفناه في الآية السابقة ، كما يسهل اندفاع البراكين منها.
فقارة أمريكا تنزلق حاليا نحو الشرق بسرعة ملحوظة للقياسات العلمية ، كما هو شأن جميع القارات ، إذ كانت متصلة ثم انفصلت وتباعدت.
وأثناء هذا الانسياح المجهول الأسباب للقارات ، تعاني مقدمة القارة ضغطا من السيما يجعد وجهها فتحدث الجبال بقممها البارزة في الهواء ، وجذورها الغائرة في السيما.
ومن المعتقد أن القسم البارز من الجبل يقابله جذر أطول منه بأربع مرات ونصف ذاهب في السيما.
وهذه الجذور الغائرة تشكل وتدا يمنع القارة من التمادي في الانزلاق.
فالقارة الأمريكية تنزلق بسرعة تزيد عن المتر في السنة ، ولكن القوة التي تدفعها للانزلاق كان من الممكن أن تدفعها بسرعة تبلغ كيلومترات كثيرة ، لو لا وجود الأوتاد الجبلية الممتدة في السيما (١).
__________________
(١) براهين : ص ٣٠ ـ ٣٨.