ولو حدث هذا لأدى إلى عدم استقرار الأرض ، بل لأدى إلى اندثار الحضارة من فوقها ، لعدم إمكانية الاستقرار عليها باختلال توازنها وميدانها.
أو يستطيع الإنسان المسلم اليوم أن يفهم معنى جديدا لقوله تعالى : (وَالْجِبالَ أَوْتاداً)؟.
وهل نستطيع أن نفهم في ضوء معطيات العلم الحديث اليوم معنى قوله تعالى : (وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ)؟.
نعم .. وإنه الفهم المظهر لإعجاز القرآن.
يقول الأستاذ «انجلن» :
«من المفهوم الآن أن المادة الأقل وزنا ارتفعت على سطح الأرض ، على حين أصبحت أمكنة المادة الثقيلة خنادق هاوية ، وهي التي نراها الآن في شكل البحار ، وهكذا استطاع الارتفاع والانخفاض أن يحافظا على توازن الأرض».
ويقول عالم آخر : «وفي البحار أيضا توجد وديان تشبه وديان البر ، ولكن وديان البحر أكثر غورا وأبعد عمقا من تلك التي توجد في البر» ومن الظواهر المحيرة أن هذه الخنادق البحرية توجد قرب السواحل البرية ، بدل أن توجد في أعالي البحار ، وهذا يدل
على أن هناك علاقة بين طول الجبال والخنادق البحرية ، وهو أن الأرض يقوم توازنها على أساس الارتفاع والعمق في أجزائها المختلفة» (١).
إذن فهذه الجبال تعتبر من أهم عناصر توازن الأرض وثباتها ، كما أنها تعتبر أوتادا تثبتها وتمنعها من الانسياب السريع الخطير ، الذي لو حدث لأدى إلى انقراض الحضارة من فوقها.
وهذا المعنى بذاته هو الذي عبرت عنه الآية القرآنية وبكل صراحة ووضوح ، فهذا معنى قوله تعالى : (وَالْجِبالَ أَوْتاداً) وقوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي مَدَّ
__________________
(١) الإسلام يتحدى : ص ٢٠٤.