إننا لا نريد أن نتكلم على هذا ، وإنما نريد أن نتكلم على الأحياء أو الحيوان ، من حيث ما يخصه ، لا من حيث ما يكون مشتركا بينه وبين غيره ، كالعناصر الكونية المشتركة بين الحيوان وغيره من الأجسام.
إذن فليكن بحثنا الآن محصورا في الحيوان ، وليكن الكلام في الإنسان ، لأنه ألصق بنا ، وأقرب منا ، وأكثر إثارة لمشاعرنا.
إن مما لا يخفى على أحد من الناس أن جسم الإنسان يحتوي على خلايا ، وهذه الخلايا أنواع ، فمنها خلايا العظام ، ومنها خلايا الكبد ، ومنها خلايا المخ ... ومنها خلايا العين ، ومنها خلايا السمع ، ومنها الخلايا الجنسية ، ولكل خلية من هذه الخلايا عملها ووظيفتها المحددة لها ، والتي تقوم بها وبكل دقة وأمانة وانضباط.
والذي سنأخذه من هذه الخلايا ونتكلم عنه الآن هو الخلية الجنسية.
وذلك لأن لهذه الخلية الجنسية ظاهرا وباطنا ، أما الظاهر فظاهرة الزوجية فيه معروفة منذ زمن بعيد ، بمعرفة النطفة عند الرجل والبويضة عند المرأة ، مما يتكون من التقائهما الولد ، فالخلية الجنسية زوجان ، نطفة وبويضة ، وهذا معروف لكل أحد.
ولكن الباطن الذي لم يكن معروفا قبل سنين عديدة لأحد ، بل كان (مِمَّا لا يَعْلَمُونَ) والذي لا يعرفه إلا القليل من الناس اليوم أيضا هو أن الخلية الجنسية عند الرجل بذاتها تحمل أيضا الزوجين الذكر والأنثى ، أو بمعنى آخر أوضح ، الحيوان المنوي عند الرجل منه ما يحمل صفة الذكورة ، ومنه ما يحمل صفة الأنوثة ، ففي خليته الزوجان ، الذكر والأنثى.
قال الله تعالى : (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً ، أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى ، ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى ، فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) (سورة القيامة : آية ٣٧ ـ ٣٩).
وقال تعالى : (وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ ، الذَّكَرَ وَالْأُنْثى مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى) (سورة النجم: آية ٤٦).