ولذلك اقتضت حكمة الله أن الخلية الجنسية إذا انقسمت ، يكون الحيوان المنوي المتولد منها حاملا لنصف أعدادها من الكروموسومات أو الصبغيات ، أي أنه يحمل ثلاثة وعشرين كروموسوما فقط ، وكذلك البويضة ، فإذا ما تم التلقيح أو الإخصاب ، كانت الخلية الأولى في الكائن الحي الجديد أو المولود الجديد تحمل نفس العدد من الكروموسومات التي كانت تحملها الخلية الأصلية للإنسان ، أي أنها تحمل ستة وأربعين كروموسوما ، وبعد ذلك تبدأ بالانشطار والتكاثر إلى أن يتم تخلق المولود ، بل إلى أن تنتهي حياته على المنهج المرسوم لها عند خالقها من الأزل.
ولكن أين سر الأزواج في هذا؟ ألسنا نتكلم على الأزواج؟.
بلى ... إننا نتكلم عن الأزواج ، والسر هنا يكمن في أن الحيوان المنوي الذي يحمل ـ كما ذكرنا نصف عدد الأزواج التي كانت تحملها الخلية الجنسية من الكروموسومات ـ إن هذا الحيوان عند ما يلقح البويضة في رحم المرأة ، وتتكون الخلية الأولى ، نجد أن كل كروموسوم من الكروموسومات الثلاثة والعشرين تندفع في هذه الخلية الجديدة ، وكأنها تبحث عن شيء مفقود ، وإذا بكل واحد منها يبحث عن زوجه وقرينه الذي انفصل عنه في الخلية الأساسية ، فإذا ما التقيا تلاصقا ، كما يتم التلاصق بين كل زوجين في حياتنا الظاهرة ، وكأن أحدهما يدلي للآخر بأسراره ، ويطلعه على باطنه ، ويتبادل معه المعلومات السرية التي لا يعلمها إلا خالقه ، والتي سيتكون منها المولود الجديد.
وهكذا تبدأ الخلية الجديدة عملها وحياتها بعد أن تم فيها تركيب الأزواج والتقاؤها ، وتم هيكلها المكوّن من ثلاثة وعشرين زوجا من الكروموسومات ، ولتتجلى لنا الآية القرآنية مرة ثانية ، مرشدة للإنسانية الحائرة إلى عظمة الله وإعجازه في قرآنه : (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ).
ف («سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها ، مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ ، وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ ، وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ).
وسبحان الذي أوحى إلى عبده الأميّ الذي لم يعرف كتابة ، ولا قراءة ،