إن كل جينة من هذه الجينات بمثابة السجل السري الذي يحتفظ في داخله وبقدرة بارئه ، يحتفظ بالخطة السرية لكل ما يتعلق بالإنسان من الأوصاف ، والتي سيعبر عنها مع مرور الزمن ، ونمو المولود وتكامله.
إن هذه الجينات جاءت كما ذكر القرآن الكريم أزواجا (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ).
ولكن .. لما ذا جاءت أزواجا ، ولم تأت فرادى ..؟.
إنها سنة الله القاضية بأن يأخذ الولد صفاته من كلا أبويه ، لا من أحدهما ، وبناء على ذلك لا بد أن يكون نصفها من الأب ونصفها من الأم ، فلو افترضنا جدلا أن الخلية تحتوي على أربعين ألفا من الجينات ، فمعنى هذا أن عشرين ألفا منها جاءت من الأب ، والعشرين الأخرى جاءت من الأم ، فهي تحمل عشرين ألف زوج من الجينات المشتركة ، التي تحمل صفات الأب والأم معا.
ففي بعض الحالات تتفوق الجينة من الأب في التعبير عن نفسها تعبيرا يفوق جينة الأم ، فيكون الشبه في الولد لأبيه.
وأحيانا تعبّر الجينة من الأم عن نفسها تعبيرا يفوق جينة الأب ، فيكون الشبه في هذه الحالة للأم.
وقد يكون التعبير من قبل الجينتين معا ، وفي هذه الحالة يشبه الولد أبويه معا.
وفي بعض الحالات تتنحى الجينة ، فلا تعبر عن نفسها في الجيل الأول ، إلا أنها قد تعبر عن نفسها في الجيل الثاني ، أو الثالث ، أو الرابع ، لتنتقل إليه صفات جده الأعلى.
وهذه هي التي أشار إليها رسول الله صلىاللهعليهوسلم بقوله : «لعلها نزعة عرق» في القصة المشهورة بهذا الحديث (١).
__________________
(١) أخرجه البخاري ومسلم.