وكما كان الشبه للولد بأبويه من أجل خلق هذه الجينات أزواجا ، واختلاطها في عملية الإخصاب في الخلية الأولى أزواجا من الأب والأم ، كان الاختلاف النسبي في الشبه أيضا ، فإنه من المحال أن تجد إنسانا يشبه إنسانا آخر شبها مطلقا.
وبهذا الصدد تذكر قول عالمي الخلية والوراثة «وليام ماكلروي» و «كارل سوانسن» في كتابيهما «البيولوجيا الحديثة لعلم الخلية». إذ يقولان :
إنه لو لم تختلط هذه الجينات الكامنة على الكروموسومات لما اختلف طبائع الناس هذا الاختلاف ، ولأصبحت الوجوه في صورة واحدة ، ولركدت الحياة.
ثم ضرب مثلا يوضح عظمة الخالق في مدى احتمال الشبه المطلق فقالا : لما كانت الصفات الكامنة على الجينات تختلط أزواجا في عملية الإخصاب فإن احتمالات عدد مرات الخلط بينها يزيد بزيادة عددها ، ولنفرض أن الخلية في الإنسان تحتوي على ألف جينة أو مورثة ـ وهو تقدير متواضع ، لأن العدد في الواقع أكبر من هذا بكثير ـ إننا لو افترضنا هذا لكانت النتيجة أن عدد احتمالات الاخلاط هنا سيكون حصيلة الرقم (٢) اثنين مضروبا في نفسه ألف مرة ، والحق أن الناتج لا شك سيكون أكبر من عدد الذرات الموجودة في كل الأكوان بأضعاف مضاعفة.
وبناء على ذلك فإن احتمال مجيء إنسان يشبه إنسانا آخر شبها مطلقا سيكون غير جائز إلا مرة واحدة في بلايين بلايين بلايين بلايين المرات ، وأضف ما شئت من بلايين الاحتمالات ، فالرقم أكبر مما تتصوره عقول البشر (١).
وهذا كله إذا افترضنا أن الخلية تحمل ألف جينة أو مورثة ، فكيف يكون الرقم والاحتمال لو افترضنا أنها تحمل عشرين ألفا ، أو أنها تحمل خمسين ألفا ..؟.
__________________
(١) الدكتور عبد المحسن صالح (سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها) حلقة ٥ الوعي الإسلامي.