(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً ، كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ).
فقوله تعالى : (لِيَذُوقُوا الْعَذابَ) واضح كل الوضوح في التعليل العلمي الذي ذكرناه ، مما يدلنا دلالة صريحة على أن هذا الكلام إنما هو كلام خالق الإنسان ومبدعه ، وليس من كلام البشر ، وإلا فما كان في ذلك العصر الذي نزل فيه القرآن من المعارف والعلوم ما يمكنهم من الكلام على هذه الحقائق العلمية التي لم يعرفها الإنسان إلا في العصر الحديث.
إن الآيات التي تتعرض لمثل هذه الحقائق في الحياة كثيرة ، ولم يحدث أبدا أن أثبت العلم تخلف القرآن في خبر واحد من هذه الأخبار ، بل إن كل ما جاء به العلم الحديث كان إثباتا لصدق ما أخبر عنه القرآن تماما ، ليدل كل عاقل على أن هذا الكلام إنما هو كلام الله.
إن أعظم عباقرة الدنيا ، في شتى مجالات العلم والمعرفة ، مع ما لديهم من وسائل علمية للكشف والإدراك ليكتبون ويؤلفون ، ولكن لا تلبث الأيام إلا قليلا حتى تكشف عن كثير من الأخطاء في كتاباتهم ومؤلفاتهم ، بسبب تطور العلوم ، والوقوف على المزيد من الأسرار ، وهذا لم يخل منه كتاب على وجه الأرض ، إلا القرآن ، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، والذي لا تزيده العلوم والمكتشفات إلا قوة وثباتا ، ولا تظهر فيه إلا الإعجاز ، ليبقى التحدي للإنسان قائما إلى يوم القيامة ، وليبقى العجز الإنساني عن تحدي القرآن أيضا إلى يوم القيامة.
(قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً).
(وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً).
كما أن الإنسان إذا أراد أن يتكلم فإنما يتكلم بلغة معارفه ، وإذا أراد أن يعمل ، فإنه يعمل حسب طاقته ، فإذا ما وجدنا طفلا صغيرا ما كاد يجيد النطق بعد وإذا به فجأة يتكلم بعدة لغات عالمية يعجز الإنسان عن تعلمها خلال