قال : المقصد الثالث في الاعراض ، وفيه فصول خمسة ، في المباحث الكلية ، وفي الكم وفي الكيف ، وفي الأين ، وفي باقي الأعراض النسبية ، وجعل الأين فصلا على حدة لكثرة مباحثة ، وجعل المبحث الأول من الكليات لتقسيم الموجود لينساق إلى بيان أقسام الأعراض.
أما عند المتكلمين فالموجود إن لم يكن مسبوقا (١) بالعدم فقديم ، وإن كان مسبوقا به فحادث.
والقديم هو الواجب تعالي ، وصفاته الحقيقية لما سيجيء من حدوث العالم ، والحادث إما متحيز بالذات (٢) وهو الجوهر بأقسامه التي ستأتي.
وإما حال ف التحيز بالذات (٣) وهو العرض ، وإما ما لا يكون متحيزا ولا حالا في المتحيز فلم يعدوه من أقسام الموجود ، لأنه لم يثبت وجوده لما سيأتي من ضعف أدلته ، وربما يستدل على امتناعه بأنه لو وجد لشاركه (٤) الباري تعالى في التجرد ، ويحتاج في الامتياز الي فصل فيتركب ، وضعفه ظاهر ، لأن الاشتراك في العوارض سيما السلبية لا توجب التركب.
والعرض إما أن يكون مختصا بالحي كالحياة ، وما يتبعها من العلم والقدرة ، والإرادة ، والكلام ، والإدراكات ، أعني الإحساس بالحواس الظاهرة والباطنة ، وإما ألا يكون مختصا وهي الأكوان والمحسوسات. فالأكوان أربعة :
الاجتماع ، والافتراق ، والحركة (٥) والسكون ، وزاد بعضهم الكون الأول ، وهو الحصول في الحيز عقيب العدم ، والمحسوسات المدركات بالصبر ، أو
__________________
(١) في (ب) يسبق بدلا من (مسبوقا).
(٢) في (ب) متميز بدلا من (متحيز).
(٣) في (ب) التحيز بدلا من (المتحيز).
(٤) في (أ) لشاركة بدلا من (شارك) وهو تحريف.
(٥) الحركة ضد السكون ولها عند القدماء تعريفات وهي : ١ ـ الحركة هي الخروج من القوة إلى الفعل على سبيل التدرج ، ومعنى التدرج هو وقوع الشيء في زمان بعد زمان.
٢ ـ الحركة هي شغل الشيء حيزا بعد أن كان في حيز آخر ، أو هي كونان في آنين ومكانين بخلاف السكون الذي هو كونان في آنين وزمان واحد.
٣ ـ الحركة كمال أول لما بالقوة من جهة ما هو بالقوة. (ابن سينا رسالة الحدود). وتقال الحركة على تبدل حالة قارة في الجسم يسيرا على سبيل اتجاه نحو شيء والوصول بها إليه هو بالقوة ، لا بالفعل (راجع ابن سينا كتاب النجاة ص ١٦٩).