الرابع : أنه حال الانتقال إما لا في محل فحال ، أو في المنتقل عنه أو إليه فاستقرار ، أو في ثالث فيعود الكلام.
ورد بالنقض بانتقال الجسم ، والحل بأنه في بعض من الأول وبعض من الثاني).
قال : المبحث الثالث ، اتفق المتكلمون والحكماء على امتناع انتقال العرض من محل إلى آخر لما سبق من أن معنى قيام العرض (١) بالمحل هو أن وجوده في نفسه هو وجوده في محله ، فيكون زواله عن ذلك المحل زوالا لوجوده في نفسه فما يوجد فيما يجاور النار من الحرارة أو المسك من الرائحة ، أو نحو ذلك ليس بطريق الانتقال إليه ، بل الحدوث فيه بإحداث الفاعل المختار عندنا ، وبحصول الاستعداد للمحل ، ثم الإفاضة عليه من (٢) المبدأ عندهم ، وأقوى ما ذكر في كلام القوم من الاحتجاج على هذا المطلوب وجوه :
الأول : وهو للمتكلمين. إن كل عرض غير متحيز بالذات ضرورة أنه من خواص الجوهر ، ولا شيء من غير المتحيز بالذات بمنتقل ضرورة أن الانتقال عبارة عن الحركة الأينية ، أي الحصول في حيز بعد الحصول في آخر بمعنى الحدوث ، لا بمعنى الثبات فيه ، لأنه لا سيكون (٣) ، ورد بأن كون الانتقال عبارة عن الحصول في الحيز بعد الحصول في آخر إنما هو انتقال الجوهر ، وأما انتقال العرض فعبارة عن الحصول في موضوع بعد (٤) الحصول في موضوع
__________________
(١) عرض الشيء ظهر وبدا ولم يدم. قال ابن سينا : يقال عرض لكل موجود في موضوع ، وقال أيضا : كل ذات لم يكن في موضوع فهو جوهر ، وكل ذات قوامها في موضوع فهي عرض (النجاة ٣٢٥). وقال الغزالي : العرض اسم مشترك ، فيقال عرض لكل موجود في موضوع ، ويقال عرض لكل موجود في محل ، ويقال عرض للمعنى الكلي المفرد المحمول على كثيرين حملا غير مقوم.
(راجع معيار العلم طبعة مصر ص ١٩٤).
وقال الخوارزمي : العرض هو ما يتميز به الشيء عن الشيء لا في ذاته كالبياض والسواد والحرارة والبرودة وغير ذلك (مفاتيح العلوم ص ٨٦).
(٢) في (ب) الإضافة إليه.
(٣) في (ب) بزيادة (لا).
(٤) في (ب) موضع بدلا من (موضوع).