يقال : عرض لفلان أمر أي معنى لا قرار له (١) وهذا أمر عارض ، وهذه الحالة ليست بأصيلة ، بل عارضة ، ولهذا يسمى السحاب عارضا ، وليس اسما لما لا يقوم بذاته ، بل يفتقر إلى محل يقوم به (٢) ، إذ ليس في معناه اللغوي ما ينبئ عن هذا المعنى. الثاني ، أنه لو بقي فإما ببقاء محله فيلزم أن يدوم بدوامه لأن الدوام هو البقاء ، وأن يتصف بسائر صفاته من التحيز والتقوم بالذات ، وغير ذلك لكونها من توابع البقاء. وإما ببقاء آخر فيلزم أن يمكن بقاؤه مع فناء المحل ضرورة أنه لا تعلق لبقائه ببقائه ، وكلا الوجهين في غاية الضعف ، لأن العروض في اللغة إنما ينبئ عن عدم الدوام لا عن عدم البقاء في زمانين وأكثر ، ولو سلم فلا يلزم في المعنى المصطلح عليه اعتبار هذا المعنى بالكلية ، ولأن بقاءه ببقاء آخر لا يستلزم إمكان بقائه مع فناء المحل لجواز أن يكون بقاؤه مشروطا ببقاء المحل كوجوده بوجوده.
واحتج أهل التحقيق بوجهين :
الأول : أنه لو كان باقيا لكان بقاؤه عرضا قائما به ضرورة كونه وصفا له ، واللازم باطل لاستحالة قيام العرض بالعرض ، ورد بمنع الملازمة فإن البقاء عبارة عن استمرار الوجود وانتسابه إلى الزمان الثاني ، والثالث ، وليس عرضا قائما بالباقي ، ومنع انتفاء اللازم ، إذ لا يتم البرهان على امتناع قيام العرض بالعرض.
الثاني : لو بقي لامتنع زواله ، واللازم ظاهر البطلان.
وجه اللزوم : أنه لو أمكن زواله بعد البقاء لكان زواله حادثا مفتقرا إلى سبب فسببه إما نفس ذاته فيمتنع وجوده ضرورة أن ما يكون عدمه مقتضي ذاته لم يوجد أصلا.
وأما زوال شرط من شرائط الوجود فينقل الكلام إلى زوال ذلك الشرط
__________________
(١) في (ب) يعني بدلا من (أي معنى).
(٢) في (ب) يقوم به بدلا من (يقومه).