ويتسلسل ضرورة أنه يكون لزوال شرط له ، وهلم جرا ، وإما طريان ضد وهو باطل لوجهين:
أحدهما : لزوم الدور فإن طريان أحد الضدين على المحل مشروط بزوال الآخر ، وهو موقوف عليه ، فلو توقف زوال الآخر على طريانه كان دورا. وثانيهما : أن التضاد والتنافي إنما هو من الجانبين فدفع (١) الطارئ للباقي ليس أولى من دفع الباقي إياه ، بل الدفع أهون من الرفع ، لأن فيما يرفع قوة استقرار ، وسابقه ثبات لا تكون فيما يدفع ، وإما فاعل مختار أو موجب مع شرط حادث فيلزم أن يكون له أثر ليصح أنه مؤثر إذ حيث لا أثر لا تأثير ، والعدم نفي محض ، لا يصلح أثرا ، ورد بالنقض والقلب والحل
أما النقض فتقريره أنه لو صح هذا الدليل لزم أن لا يكون الأجسام باقية وإلا لما جاز عدمها بعين ما ذكر (٢) ، ودفعه بالمناقشة في بقائها كما نسب إلى النظام ، أو في جواز زوالها كما نسب إلى الكرامية ، وبعض الفلاسفة يندفع بأن الأول ضروري ، والثاني مبين في بابه (٣).
نعم يدفع عند المعتزلة بأن زوال الجسم يكون بأن يخلق الله تعالى فيه عرضا منافيا للبقاء هو الفناء ، وعندنا بأن ذات الجوهر وإن كان شرطا للعرض ، إلا أن بقاءه مشروط بالعرض ، فيجوز أن ينعدم بأن ينقطع تجدد ما لزمه من العرض بأن لا يخلقه الله تعالى ولا يصح هذا في العرض لأنه لا يصلح محلا للعرض حتى يقوم به عرض الفناء ، أو الذي هو شرط البقاء.
فإن قيل : قيام العرض بالعرض ليس بأبعد من قيام العرض بالمعدوم.
قلنا : مبنى على أصلهم في ثبوت المعدوم ، فإن كان جوهرا يصلح محلا للعرض ، وإن كان عرضا فلا ، كما في حال الموجود ، وأما القلب فلأن
__________________
(١) في (ب) فرفع بدلا من (فدفع).
(٢) في (ب) بغير بدلا من (بعين).
(٣) في (ب) مبنى بدلا من (مبين).