ابن صفوان (١) مع الفرق الضروري بين حركتي الرعشة والبطش (٢) ، وحركتي الصعود والنزول والحاصل أنا قاطعون بوجود صفة شأنها الترجيح والتخصيص والتأثير ، ولا امتناع في أن لا يؤثر بالفعل لمانع والنزاع في أنها بدون التأثير بالفعل هل تسمى قدرة لفظي ، والقول بقدم قدرة الله تعالى مع حدوث المقدورات على ما هو رأينا ، وبثبوت القدرة الحادثة قبل الفعل على ما هو رأي المعتزلة يؤيد ما ذكرنا.
(قال : والوجدان يشهد بها ، وبكونها صفة غير المزاج وسلامة البنية توجد في بعض الذوات دون البعض أو على بعض الأفعال دون البعض).
تنبيه على أن طريق معرفة القدرة هو الوجدان على ما هو رأي الأشاعرة فإن العاقل يجد من نفسه أن له صفة بها يتمكن من حركة البطش وتركها دون الرعشة لا العلم بتأتي الفعل من بعض الموجودين ، وتعذره على الغير على ما ذهب إليه بعض المعتزلة لأن الممنوع قادر عندهم مع تعذر الفعل ، إلا أن يقال : الفعل يتأتى منه على تقدير ارتفاع المنع ، فإن قيل : ويتأتى من العاجز بتقدير ارتفاع العجز قلنا : يتأتى من الممنوع وهو بحالة في ذاته وصفاته ، وإنما التغير في أمر من خارج بخلاف العاجز فإنه يتغير من صفة إلى صفة ولا العلم بصحة الشخص وانتفاء الآفات منه على ما ذهب إليه الجبائي لأن النائم كذلك وليس بقادر ، إلا أن يقال : النوم آفة ، ثم الوجدان كما يدل عليها يدل على أنها صفة زائدة على المزاج الذي هو وآثارها من الكيفيات المحسوسة ، وليست بطريق القصد والاختيار ، وعلى سلامة البنية ، وليست من قبيل الأجرام على ما نسب إلى ضرار وهشام (٣) من أن القدرة على البطش هي اليد السليمة ، وعلى المشي هي الرجل
__________________
(١) هو جهم بن صفوان السمرقندي أبو محرز. ت عام ١٢٨ ه.
(راجع ترجمة وافية عنه في الجزء الأول).
(٢) الرعشة : الرعدة ، والرعشة : العجلة والسرعة يقال به رعشة إلى لقاء العدو. أما البطش ، فهو الأخذ بالعنف قال تعالى : (وَإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ) ويقال بطشت بهم أهوال الدنيا وبطش بالشيء أمسكه بقوة.
(٣) هو هشام بن الحكم الشيباني بالولاء الكوفي ، أبو محمد ، متكلم مناظر كان شيخ الإمامية في ـ