فأربع الأول الأين وهو ظاهر الثانية الوضع كما في الحركة الكرة على نفسها بأن تتبدل أوضاعها من غير أن يخرج عن مكانها.
فإن قيل : لكل جزء حركة أينية ضرورة تبدل أمكنتها ، فكذا للكل.
قلنا : لو سلم أن هناك جزءا بالفعل فقد لا يكون للكل حكم كل جزء.
فإن قيل : فعلى هذا لا نسلم حركة الكل وتبدل وضعه وإنما ذلك للأجزاء.
قلنا : هو ضروري).
أي ما تنسب إليه الحركة من المقولات العشر أعني الجنس العالي الذي يتغير الموضوع بالتدريج من نوع منه إلى نوع آخر أو من صنف من نوع منه إلى صنف آخر ، واقتصر الإمام على المتغير من صنف من المقولة إلى صنف آخر أي سواء كانا من نوعين أو من نوع ، والحركة الوضعية مما صرح به الفارابي (١) ، وإن كان في كلام ابن سينا ما يوهم أنه تفرد بالاطلاع عليها. وبالجملة فالذي يحققها هو أن للفلك حركة لا يخرج بها عن مكانه ، وإنما يتبدل بالتدريج نسبة أجزائه إلى أمور خارجة عنه ، إما محوية فقط كما في الفلك الأعظم وإما حاوية ومحوية كما في غيره ، فتتبدل الهيئة الحاصلة بسبب تلك النسبة وهو الوضع ، ولا نعني بالحركة في الوضع إلا التغيير من وضع إلى وضع على التدريج من غير تبدل المكان. فإن قيل : كل جزء قد خرج عن مكانه فكذا الكل لأنه ليس إلا مجموع الأجزاء.
قلنا : لو سلم أن (٢) هناك أجزاء بالفعل فثبوت الحكم لكل حكم (٣) لا يستلزم ثبوته بمجموع الأجزاء كما مر غيره مرة. على أن ما ذكر لا يتم في الفلك الأعظم عند من لا يثبت له المكان بناء على أن المكان هو السطح الباطن من الحاوي واللاحاوي له.
فإن قيل : الثابت بالدليل من حركات الأفلاك بالمشاهدة من حركة الكرة على
__________________
(١) الفارابي : هو محمد بن محمد بن طرخان أبو نصر الفارابي ، ويعرف بالمعلم الثاني أكبر فلاسفة المسلمين. ت ٣٣٩ ، وسبق الترجمة له.
(٢) في (ب) بزيادة لفظ (أن).
(٣) في (ب) جزء بدلا من (حكم).