الفلاسفة ، فالكثرة تستلزم التغاير ، بمعنى أن كل اثنين فهما غيران ، فإن كانت الاثنينية بالحقيقة ، فبالحقيقة ، أو بالعارض فبالعارض ، أو بالاعتبار فبالاعتبار ، ثم الغيران ، إما أن يشتركا في تمام الماهية كزيد وعمرو في الإنسانية أو لا. فالأول المثلان ، والثاني المتخالفان سواء اشتركا في ذاتي أو عرضي أو لم يشتركا أصلا ، ثم المتخالفان قد يكونان متقابلين كالسواد والبياض ، وقد لا يتقابلان كالسواد والحلاوة ، والمتقابلان هما المتخالفان اللذان يمتنع اجتماعهما في محل واحد في زمان واحد من جهة واحدة ، فخرج بقيد التخالف ، المثلان ، وإن امتنع اجتماعهما ، وبقيد امتناع الاجتماع في محل مثل السواد والحلاوة ، مما يمكن اجتماعهما ، وربما يفهم من امتناع (١) الاجتماع في محل ، وردهما على المحل فيخرج مثل الإنسان والفرس ، ومثل الإنسان والسواد ، وفيه بحث سيجيء ، وأما قيد وحدة الزمان فمستدرك على ما مر ، وكذا قيد (٢) وحدة الجهة إذا قصد به الاحتراز عن مثل الصغر مع الكبر ، والأبوة مع البنوة على الإطلاق ، والحق أنه احتراز عن خروج مثل ذلك ، فإنهما متقابلان ، ولا يمتنع اجتماعهما إلا عند اعتبار وحدة الجهة ، وأما التقييد بوحدة المحل ، فلأن المتقابلين قد يجتمعان في الوجود وفي الجسم على الإطلاق كبياض الرومي ، وسواد الحبشي.
(قال : فإذا كانا (٣) وجوديين ، فإن كان تعقل كل محل واحد من جهة واحد ، بالقياس إلى الآخر (٤) فمتضايفان ، وإلا فمتضادان وإن (٥) كان أحدهما عدميا ، فإن تقيد بكون الموضوع مستعدا للوجودي بحسب شخصه (٦) أو نوعه ،
__________________
(١) في (أ) اجتماع بدل (امتناع).
(٢) سقط من (ب) لفظ (قيد).
(٣) أي المتقابلين وجوديان.
(٤) أي بالإضافة إلى الآخر بحيث لا يعقل أحدهما إلا مع تعقل الآخر.
(٥) وإن لم يكن المتقابلان وجوديين معا فلا محالة إن كان أحدهما عدميا والآخر وجوديا إذ لا يتقابل العدميان عند صاحب هذا التقسيم.
(٦) بمعنى أن القبول وصف شخص كعدم اللحية عن الأمرد فإن ذلك الأمر المعين قابل لمقابل هذا العدم وهو الالتحاء.