قد يراد بالعلة ما يحتاج إليه الشيء. وبالمعلول ما يحتاج إلى الشيء ، وإن كانت العلة عند إطلاقها منصرفة إلى الفاعل ، وهو ما يصدر عنه الشيء بالاستقلال ، أو بانضمام الغير إليه ، ثم علة الشيء أعني ما يحتاج هو (١) إليه إما أن تكون داخلة فيه أو خارجة عنه فإن كانت داخلة فوجوب الشيء معها ، إما بالفعل وهي العلة الصورية ، وإما بالقوة وهي العلة المادية ، وإن كانت خارجة عن الشيء. فإما أن يكون الشيء بها وهي العلة الفاعلية ، أو لأجلها وهي العلة الغائية ، ويخص الأوليان أعني المادية والصورية باسم علة الماهية ، لأن الشيء يفتقر إليهما في ماهيته (٢) ، كما في وجوده ، ولذا لا يعقل إلا بهما ، أو بما ينتزع عنهما كالجنس والفصل (٣) ، ويخص الآخر بأنه أعني الفاعلية والغائية باسم علة الوجود ، لأن الشيء يفتقر إليهما في الوجود فقط ، ولذا يعقل بدونهما ، وتمام هذا الكلام ببيان أمور أن ما لا ذكر في بيان الحصر ، وجه ضبط لأنه لا دليل على انحصار الخارج فيما به الشيء ، وما لأجله الشيء سوى الاستقراء أن المراد بالصورية والمادية ، وما ينسب إليهما (٤) من الأجزاء لصدق التعريف عليها ، وكذا في الفاعلية والغائية ، وبهذا الاعتبار يندرج الشروط والآلات في الأقسام لكونها راجعة إلى ما به الشيء وما ذهب إليه الإمام من أن الشروط من أجزاء العلة المادية ، بناء على أن القابل إنما يكون قابلا بالفعل معها (٥) ليس بمستقيم ، لأنها خارجة عن المعلوم ، وقد صرح هو (٦) أيضا بأن المادية داخلة أن ما ذكرنا من اعتبار الفعل والقوة في الوجوب ، وهو الموافق لكلام ابن سينا (٧) أولى من اعتباره في الوجود على ما ذكره الجمهور ، لأن المادة إذا لحقها الصورة يكون وجود المعلول معها بالفعل لا
__________________
(١) سقط من (ب) الضمير (هو).
(٢) في (أ) بزيادة لفظ (ماهيته).
(٣) في (ب) و (ج) وغيره بدلا من (والفصل).
(٤) في (ج) وما ينسب من الأجزاء بدون (إليهما).
(٥) سقط من (ج) لفظ (معها).
(٦) ليس في (ب) الضمير (هو).
(٧) راجع ما ذكره ابن سينا في كتابيه الإشارات والنجاة حول هذا الموضوع.