فالقدم الذاتي أخص من الزماني ، والزماني من الإضافي ، بمعنى أن كل ما ليس مسبوقا بالغير أصلا ليس مسبوقا بالعدم ، ولا عكس ، كما في صفات الواجب ، وكل ما ليس مسبوقا بالعدم ، فما مضى من زمان وجوده يكون أكثر بالنسبة إلى ما حدث بعده ولا عكس ، كالأب ، فإنه أقدم من الابن ، وليس قديما بالزمان ، والحدوث الإضافي أخص من الزماني ، والزماني من الذاتي ، بمعنى أن كل ما يكون زمان وجوده الماضي أقل فهو (١) مسبوق بالعدم ، ولا عكس ، وكل ما هو مسبوق بالعدم ، فهو مسبوق بالغير ولا عكس.
(قال : لا قديم بالذات (٢) سوى الله تعالى (٣) ، وأما بالزمان (٤) فزادت الفلاسفة كثيرا من الممكنات (٥) ، والمتكلمون صفات الله تعالى (٦) ، ولزم المعتزلة حيث جعلوا العالمية ، والقادرية ، والحيية ، والموجدية ، أحوالا ثابتة في الأزل مع الذات ، ولا نعني بالوجود إلا ما عنوا بالثبوت).
لما سيأتي من أدلة توحيد الواجب ، وما وقع في عبارة بعضهم ، من (٧) أن صفات الله تعالى واجبة أو قديمة بالذات ، فمعناه بذات الواجب بمعنى أنها لا تفتقر إلى غير الذات. وأما القديم بالزمان ، فجعله الفلاسفة شاملا لكثير من الممكنات كالمجردات والأفلاك وغير ذلك على ما سيأتي. والمتكلمون منا لصفات الله تعالى فقط ، حيث بينوا أن ما سوى ذات
__________________
(١) في (أ) فيكون بدلا من (فهو).
(٢) أي ليس مسبوقا بالغير.
(٣) فهو الذي لم يسبق بالغير.
(٤) بأن لم يكون وجوده مسبوقا وإن سبق بالغير فقد اقتضى كونه أعم صدقه على القديم بالذات لكن على اصطلاح الفلاسفة ، وأما أهل الحق فلا يطلق القديم بالزمن عندهم على الواجب تعالى لإيهامه الحدوث.
(٥) زعموا قدمها بالزمان كالمجرات التي هي العقول والنفوس والأفلاك فهي عندهم قديمة لكنها مسبوقة بذات الواجب تعالى فهي قديمة بالذات لا بالزمان.
(٦) سموا الصفات قديمة بالزمان نظرا إلى أنها لا بد من الذات فهي مسبوقة بالذات لعدم قيامها بنفسها.
(٧) سقط من (أ) حرف (من).