الله تعالى وصفاته حادث بالزمان ، وأما المعتزلة فقد بالغوا في التوحيد ، فنفوا القدم الزماني أيضا عما سوى ذات الله تعالى ، ولم يقولوا بالصفات الزائدة القديمة ، إلا أن القائلين منهم بالحال. أثبتوا لله تعالى أحوالا أربعة : هي العالمية والقادرية والحيية والموجودية ، وزعموا أنها ثابتة في الأزل مع الذات ، وزاد أبو هاشم (١) حالة خامسة علة للأربعة مميزة للذات هي الإلهية ، فلزمهم القول بتعدد القدماء ، وهذا تفصيل ما قال الإمام في المحصل (٢) : أن المعتزلة ، وإن بالغوا في إنكار ثبوت القدماء ، لكنهم قالوا به في المعنى ، لأنهم قالوا : الأحوال الخمسة المذكورة ثابتة في الأزل مع الذات فالثابت في الأزل على هذا القول أمور قديمة ، ولا معنى للقديم إلا ذلك ، واعترض عليه الحكيم المحقق (٣) ، بأنهم يفرقون بين الوجود والثبوت ، ولا يجعلون الأحوال موجودة ، بل ثابتة ، فلا تدخل فيما ذكره الإمام ، من تفسير القديم ، بما لا أول لوجوده إلا أن يغير التفسير ، ويقول : القديم ما لا أول لثبوته ، وكان في قوم الإمام : ولا معنى للقديم إلا ذلك دفعا لهذا الاعتراض ، أي لا نعني بالوجود إلا ما عنوا بالثبوت ، فلا فرق في المعنى بين قولنا : لا أول لوجوده ، ولا أول لثبوته ، حتى لو نوقش (٤) في اللفظ غيرنا الوجود إلى الثبوت ، وما نقل في المواقف عن الإمام ، أن الأحوال الأربعة هي: الوجود ، والحياة ، والعلم ، والقدرة ، فلا يخلو عن تسامح (٥).
__________________
(١) أحد زعماء المعتزلة وقد ترجمنا له.
(٢) تم تحقيق هذا الكتاب للأستاذ طه عبد الرءوف وقامت بنشره (مكتبة الكليات الأزهرية) حسين امبابي وشريكه.
(٣) هو نصير الدين الطوسي.
(راجع ترجمة له وافية في الجزء الأول من هذا الكتاب).
(٤) في (ب) لو ناقش اللفظ بإسقاط حرف الجر (في).
(٥) سقط من (أ) لفظ (عن تسامح).