٥ ـ أنه لو تحققت المصدرية لزم تكثر المعلولات ، بل لا تناهيها فيما إذ صدر عن الواجب شيء فإن المصدرية حينئذ بعد (١) ما تكون خارجة ، لا يجوز أن تكون معلولا لأمر آخر ، بل تكون معلولا للواجب ، صادرا عنه (٢) ، فتتحقق مصدرية أخرى بالنسبة إليه ، ويتسلسل.
٦ ـ وأنه لو صح هذا الدليل لزم أن لا يصدر عن الواحد المحض شيء أصلا وإلا لكانت هناك مصدرية داخلة ، فيتركب. أو خارجة فيتسلسل ، وأن لا يسلب عنه أشياء كثيرة ، كسلب الحجر والشجر عن الإنسان ، وأن لا يتصف بأشياء كثيرة ، كاتصاف زيد بالقيام والقعود ، وأن لا يقبل أشياء كثيرة كقبول الجسم للحركة والسواد ، لأن مفهوم (٣) سلب هذا مغاير لمفهوم سلب ذاك ، وكذا الاتصاف والقابلية ، فيلتزم إما التركب أو التسلسل.
وقد يجاب عن هذه الاعتراضات كلها بأن سلب الشيء عن الشيء ، واتصاف الشيء بالشيء وقابلية الشيء للشىء من الاعتبارات العقلية التي لا تحقق لها ، ولا تمايز بينها في الأعيان ، ولو سلم فهي لا تلحق الواحد من حيث هو واحد ، بل تستدعي كثرة تلحقها هي (٤) ، باعتبارات مختلفة ، فإن السلب يفتقر إلى مسلوب ومسلوب عنه يتقدمانه ، ولا يكفي ثبوت المسلوب عنه فقط ، وكذا الاتصاف يفتقر إلى موصوف وصفة (٥) ، والقابلية إلى قابل ومقبول ، أو إلى قابل وشيء يوجد المقبول فيه ، بخلاف الصدور ، فإنه كما يطلق على الأمر الإضافي الذي يعرض للعلة والمعلول من حيث يعتبر العقل نسبة أحدهما إلى الآخر ، وليس كلامنا فيه ، كذلك يطلق على معنى حقيقي هو كون العلة ، بحيث يصدر عنها المعلول ، وكلامنا فيه ، ويكفي في تحققه فرض شيء واحد هو العلة ، وإلا
__________________
(١) في (أ) ما بدلا من (أن).
(٢) سقط من (ب) جملة (صادرا عنه).
(٣) في (أ) مفهوم سلب وفي (ب) سلب مفهوم.
(٤) سقط من (ب) لفظ (هي).
(٥) في (أ) بزيادة (وصفة).