امتنع استناد جميع المعلولات إلى مبدأ واحد ، ولما كان الظاهر من كون الشيء بحيث يصدر عنه شيء أيضا أمرا إضافيا (١) اعتباريا ، زعموا أن المراد به خصوصية بالقياس إلى الأثر بحسبها يجب الأثر ، وأنه وجودي بالضرورة ، فإنا (٢) إذا أصدرنا حركات متعددة ، فما لم يحصل لنا خصوصيته بالقياس إلى (٣) كل حركة ، وأقلها إرادتها لم يصدر عنا تلك الحركة ، وهكذا سائر العلل الفاعلية لا يصدر عنها الأشياء الكثيرة ، إلا إذا كان لها مع كل منها خصوصية لا تكون مع الآخر. وإذا صدر الشيء الواحد ، لم يلزم تعدد الخصوصية ، بل لم يجز (٤) ، وحينئذ إن كانت العلة علة لذاتها ، فتلك الخصوصية ذات العلة ، وإن كانت علة لا لذاتها ، بل (٥) بحسب حالة أخرى ، فتلك الخصوصية حالة تعرض لذات العلة.
فلزوم تعدد الجهات ، وتكثر المعلولات إنما يكون عند صدور الكثير ، وأما عند صدور الواحد ، فلا يكون إلا ذات العلة ، أو حالة لها ، وعلى هذا لا يرد عليه (٦) شيء من الاعتراضات ، لكن لا يخفى أن أكثر هذه المقدمات تحكمات لا يعضدها شبهة فضلا عن حجة. وقد بين المطلوب بوجه لا يرد عليه الاعتراضات يدعى أنه زيادة تنبيه وتوضيح ، وإلا فامتناع صدور الكثير عن الواحد الحقيقي واضح ، لأنه لو صدر عنه شيئان فمفهوم عليته لأحدهما مغاير لمفهوم عليته للآخر بالضرورة ، والشيء مع أحد المتغايرين لا يكون هو مع الآخر. فالمفروض لا يكون شيئا واحدا محضا ، بل شيئين ، أو شيئا (٧) موصوفا بصفتين ، هذا خلف.
__________________
(١) سقط من (ب) لفظ (إضافيا).
(٢) في (ب) فأما بدلا من (فإنا).
(٣) في (أ) بزيادة لفظ (كل).
(٤) في (ب) لم يخرج وهو تحريف.
(٥) سقط من (ب) لفظ (بل).
(٦) في (أ) بزيادة لفظ (عليه).
(٧) في (ب) اشياء بدلا من (شيئا).