الآلة الجسمانية ، وذلك كالأجرام (١) الفلكية ، فإنها متشكلة ، وإن لم تكن متغيرة في ذواتها ، وكالصور والأعراض فإنها متغيرة ، وكالأجرام الكائنة الفاسدة ، فإنها متغيرة ومتشكلة ، وأما ما ليس بمتغير ، ولا متشكل كذات الواجب ، وذوات المجردات ، فلا يستحيل ، بل يجب العلم به على ما يقرره (٢) الحكماء من أنه عالم بذاته الذي هو مبدأ العقل الأول بالذات ، ولا شك أن كلا منهما جزئي والعمدة في احتجاج الفلاسفة ، أنه لو علم أن زيدا يدخل الدار (٣) غدا فإذا دخل زيد الدار في الغد ، فإن نفى (٤) العلم بحاله ، بمعنى أنه يعلم أن زيدا يدخل غدا فهو جهل لكونه غير مطابق للواقع ، وإن زال وحصل العلم بأنه دخل لزم التغير للعلم الأول من الوجود إلى العدم. والثاني من العدم إلى الوجود ، وهذا على القديم محال. لا يقال كما أن الاعتقاد الغير مطابق جهل ، فكذا الخلو عن الاعتقاد المطابق بما هو واقع.
لأنا نقول : لو سلّم ، فإذا لم يعلمه على وجه كلي.
والجواب : إن من الجزئيات ما لا يتغير كذات الباري تعالى ، وصفاته الحقيقية ، عند من يثبتها ، وكذوات العقول فلا يتناولها الدليل ، وتخصيص الحكم بالبعض على ما يشير إليه كلام الإمام ، إنما يصح في القواعد الشرعية دون (٥) العقلية ، ولما أمكن البعض التقصي (٦) عن هذا بأنه يجوز أن يكون المدعي العام ، هو أنه لا يعلم شيئا من المتغيرات ، أو أن يبين الامتناع في الجزئيات المتغيرة بهذا الدليل. وفي غير المتغيرة ، بدليل آخر ، وأن يقصدوا إبطال كلام الخصم ، وهو أنه عالم بجميع الجزئيات على وجه الجزئية (٧).
__________________
(١) الجرم (بكسر الأول) جسم الشيء قدّر الجغرافيون العرب جرم الأرض بالعمليات الحسابية فذكروا أن طول قطر الأرض يساوي ٣ / ٢ ١١٦٣ فرسخا ودورها محيطها ٦٨٠٠ فرسخا فعلى ذلك تكون مساحة سطحها الخارجي ٥ / ٢ ٢٤٢ و ٧٤٤ ، ١٤ فرسخا. راجع القاموس الإسلامي ج ١ ص ٥٩٥.
(٢) في (ب) في ما تقدره بدلا من (ما يقرره).
(٣) سقط من ب من (يدخل) إلى (دخل زيد).
(٤) في (ب) بقي بدلا من (نفى).
(٥) سقط من (ب) لفظ (دون).
(٦) في (ب) البعض بدلا من (التقصي).
(٧) سقط من (أ) الجزئية.