بحث الكم. والحادث يمتنع قيامه بذات الباري تعالى لما سبق ، فتعين أن يكون هو المعنى (١) ، إذ لا ثالث يطلق عليه اسم الكلام ، وأن يكون قديما لما عرفت ، فإن اعترض من قبل المعتزلة ، أنه لو كان المتكلم من قام به الكلام ، لما صح إطلاقه حقيقة على المتكلم بالكلام الحسي ، لأنه لا بقاء له ولا اجتماع لأجزائه ، حتى يقوم بشيء.
ولو سلّم ، فإنما يقوم بلسانه لا بذاته ، وأيضا لما صح قولهم : الأمير يتكلم بلسان الوزير ، والجني يتكلم بلسان المصروع (٢). ومن قبل الحنابلة أن المنتظم من الحروف قد لا يكون مترتب الأجزاء بل دفعيا كالقائم بنفس الحافظ ، وكالحاصل على الورقة من طابع فيه نقش الكلام. وإنما لزوم الترتيب في التلفظ والقراءة لعدم مساعدة الآلة. فالقرآن الذي هو اسم للنظم والمعنى جميعا لا يمتنع أن يكون قديما (٣) قائما بذات الباري تعالى أجيب : بأن كون المتكلم من قام به الكلام ثابت عرفا ولغة ، وكون المنتظم من الحروف المسموعة مترتب الأجزاء ممتنع البقاء ثابت ضرورة ، وما ذكرتم سندا (٤) لمنعها تمويه.
أما الأول : فلأن المعتبر في اسم الفاعل وجوب المعنى لا بقاؤه (٥) سيما في الأعراض السيالة ، كالمتحرك والمتكلم.
ولو سلّم فيكفي التلبس ببعض أجزائه ولا يشترط القيام بكل جزء من أجزاء
__________________
(١) في (ب) المعين بدلا من (المعنى).
(٢) هو الذي يصاب بداء عصبي يتميز بنوبات فجائية من فقدان الوعي تقترن غالبا بالتشنج ، وتتفاوت هذه النوبات في شدتها ومعدل ترددها ، وفي فترة الوقت الذي تستغرقه ، وقد تكون النوبة هينة عابرة لا تكاد تلحظ ، أو قد تكون بالغة الشدة ، وتتملك المصروع رعدة تتصلب فيها العضلات وقد يتوقف فيها النفس مؤقتا ، ويعص المريض لسانه في أثناء النوبة .. الخ.
راجع الموسوعة العربية الميسرة ص ١١٢٢ ، ١١٢٣.
(٣) في (أ) بزيادة لفظ (قديما).
(٤) في (ب) مسندا بدلا من (سندا).
(٥) في (ب) المعين لا نفاؤه بدلا من (المعنى لا بقاؤه)