المحل كالسامع والباصر والذائق وغير ذلك ، ومعنى التكلم بلسان الغير إلقاء الكلام إليه مجازا.
وأما الثاني : فلأن الكلام في المنتظم من الحروف المسموعة لا في الصورة المرسومة في الخيال ، أو المخزونة في الحافظة ، أو المنقوشة بأشكال الكتابة على أن قيام الحرف والصوت بذات الله تعالى ليس بمعقول. وإن كانت غير مترتب الأجزاء لحرف واحد مثلا.
(قال : وإن من يأمر وينهى ويخبر ،
يجد في نفسه معنى غير العلم والإرادة يدل عليه بالعبارة أو الكتابة أو نحوهما ، وشاع عند أهل اللسان إطلاق اسم الكلام عليه).
وأن الوجه الثاني : أن من يورد صيغة أمر أو نهي أو نداء أو إخبار أو استخبار أو غير ذلك ، يجد في نفسه معان ، ثم يعبر عنها بالألفاظ التي نسميها بالكلام الحسي ، فالمعنى الذي يجده في نفسه ، ويدور في خلده ، لا يختلف باختلاف العبارات بحسب الأوضاع والاصطلاحات ، ويقصد المتكلم حصولها في نفس السامع ليجري على موجبها. هو الذي نسميه كلام النفس وحديثها.
وربما يعترف به أبو هاشم ويسميه (١) الخواطر ومغايرته للعلم والإرادة سيما في الأخبار والإنشاء الغير الطلبي في غاية الظهور.
نعم. قد يتوهم أن الطلب النفسي هو الإرادة. وأن قولنا : أريد منك هذا الفعل ، ولا أطلبه في نفسي ، أو أطلبه ولا أريده تناقض.
وسيأتي في فصل الأفعال ، واستدل القوم على مغايرته للعلم ، بأن الرجل قد يخبر عما لا يعلمه ، بل يعلم خلافه ، وللإرادة بأن السيد قد يأمر العبد بالفعل ويطلبه منه ولا يريده ، وذلك عند الاعتذار من ضربه بأنه يعصيه.
قال صاحب المواقف : لو قالت المعتزلة إنه إرادة (٢) فعل تصير سببا ، لاعتقاد
__________________
(١) في (ب) وسميه بدلا من (ويسميه).
(٢) في (ب) أن بدلا من (أنه).