المخاطب علم المتكلم بما أخبر عنه أو إرادته لما أمر به (١) لم يكن بعيدا ، لكنني لم أجده في كلامهم ، وأنا قد وجدت في كلام الإمام الزاهديّ من (٢) المعتزلة ما يشعر (٣) بذلك حيث قال :
لا نسلّم وجود حقيقة الأخبار والطلب في الصورتين المذكورتين (٤) بل إنما هو مجرد إظهار أماراتها ، وقريب من ذلك ما قال إمام الحرمين في الإرشاد (٥). فإن قالوا : الذي يجده في نفسه هو إرادة جعل اللفظة الصادرة عنه أمرا على جهة ندب أو إيجاب فهذا باطل. لأن اللفظ يتصرم مع أن الطلب بحاله ، والماضي لا يراد ، بل يتلهف عليه ، وبالضرورة نعلم أن ما نجده بعد انقضاء اللفظ ليس تلهفا ، ولأن اللفظة تكون ترجمة عمّا في الضمير ، وبالضرورة نعلم ، أنها ليست ترجمة عن إرادة جعلها على صفة بل عن الاقتضاء (٦) والإيجاب ، ونحو ذلك ثم شاع فيما بين أهل اللسان إطلاق اسم الكلام والقول على المعنى القائم بالنفس : يقولون : في نفسي كلام ، ؛ وزورت في نفسي مقالة ، وقال الأخطل(٧) :.
إن الكلام لفي الفؤاد وإنما |
|
جعل اللسان على الفؤاد دليلا |
__________________
(١) في (ب) مر به بدلا من (أمر به)
(٢) في (ب) بعض بدلا من (الإمام الزاهدي)
(٣) في (ب) ما يشبه بدلا من (ما يشعر)
(٤) سقط من (ب) المذكورتين
(٥) كتاب الإرشاد في الكلام : للإمام أبي المعالي عبد الملك بن عبد الله الجوينيّ المتوفي سنة ٤٧٨ ه شرحه تلميذه أبو القاسم سليمان بن ناصر الأنصاريّ المتوفي سنة ٥١٢ ه وقام بتحقيقه والتعليق عليه الدكتور محمد يوسف موسى والدكتور على عبد المنعم.
(٦) في (ب) الاقتصار بدلا من (الاقتضاء).
(٧) هو غياث بن غوث بن الصلت بن طارق ـ بن عمرو من بني تغلب أبو مالك شاعر اشتهر في عهد بني أمية بالشام وأكثر من مدح ملوكهم نشأ على المسيحية في أطراف الحيرة واتصل بالامويين فكان شاعرهم له ديوان شعر مطبوع ولعبد الرحيم بن محمود مصطفى «رأس الأدب الكمل في حياة الاخطل». توفي عام ٩٠ ه راجع دائرة المعارف الإسلامية ١ : ٥١٥